المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار بين عابد ومجنون


الفاروق عمر
03-14-2010, 02:28 AM
http://www.elmostafaa.com/vb/images/smilies/A8.gif


http://www.elmostafaa.com/vb/images/smilies/811.gif
مرّ مجنون على عابد يناجي ربه وهو يبكي والدموع منهمرة على خديه وهو يقول:
ربي لا تدخلني النار فارحمني وأرفق بي .
يا رحيم يا رحمن لا تعذبني بالنار .
إني ضعيف فلا قوة لي على تحمل النار فارحمني .
وجلدي رقيق لا يستطيع تحمل حرارة النار فارحمني
وعظمي دقيق لا يقوى على شدة النار فارحمني.

ضحك المجنون بصوت مرتفع ، فالتفت إليه العابد قائلاً :
ماذا يضحكك أيها المجنون ؟
قال المجنون : كلامك أضحكني .
قال العابد : وماذا يضحكك فيه ؟
المجنون : لأنك تبكي خوفا من النار .
قال العابد : وأنت ، ألا تخاف من النار ؟
قال المجنون : لا، لا أخاف من النار .
ضحك العابد وقال : صحيح إنك مجنون .
قال المجنون : كيف تخاف من النار أيها العابد وعندك رب رحيم رحمته وسعت كل شيء ؟
قال العابد : إنّ علي ذنوباً لو يؤاخذني الله بعدله لأدخلني النار، وإني أبكي كي يرحمني ويغفر لي ولا يحاسبني بعدله بل بفضله ولطفه ورحمته حتى لا أدخل النار .
هنالك ضحك المجنون بصوت أعلى من المرة السابقة
انزعج العابد ، وقال: ما يضحكك ؟
قال المجنون : أيها العابد عندك رب عادل لا يجور وتخاف عدله !
عندك رب غفور رحيم تواب وتخاف ناره !
قال العابد: ألا تخاف من الله أيها المجنون؟
قال المجنون: بلى ، إني أخاف الله . ولكن خوفي ليس من ناره .
تعجب العابد وقال: إذا لم يكن من ناره ، فممّ خوفك ؟
قال المجنون : إني أخاف من مواجهة ربي وسؤاله لي :
لماذا يا عبدي عصيتني ؟
فإن كنت من أهل النار فأتمنى أن يدخلني النار من غير أن يسألني فعذاب النار أهون عندي من سؤاله سبحانه
فأنا لا أستطيع أن أنظر إليه بعين خائنه وأجيبه بلسان كاذب .
إن كان دخولي النار يرضي حبيبي فلا بأس .
تعجب العابد وأخذ يفكر في كلام هذا المجنون .
قال المجنون : أيها العابد سأقول لك سراً فلا تذيعه لأحد .
قال العابد : ما هو هذا السر أيها المجنون العاقل ؟
قال المجنون : أيها العابد إن ربي لن يدخلني النار أتدري لماذا ؟
قال العابد : لماذا يا مجنون ؟
قال المجنون لأني عبدته حباً وشوقاً وأنت يا عابد عبدته خوفا وطمعاً .
وظني به أفضل من ظنك ورجائي منه أفضل من رجائك . فكن أيها العابد لما لا ترجو أفضل مما ترجو
فموسى عليه السلام ذهب لإحضار جذوة من النار ليتدفأ بها فرجع بالنبوة .
وأنا ذهبت لأرى جمال ربي فرجعت مجنونا ً.
ذهب المجنون يضحك ، والعابد يبكي ويقول : لا أصدق أنّ هذا مجنون فهذا أعقل العقلاء وأنا المجنون الحقيقي فسوف أكتب كلامه بالدموع .

قال أمير المؤمنين- رضي الله عنه - : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو! فإنّ موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله ناراً، فكلّمه الله تعالى فرجع نبيّاً ! وخرجت ملكة سبأ كافرة، فأسلمت مع سليمان . وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون، فرجعوا مؤمنين .
اللهم لاتجعل عبادتنا خوفاً من النار وطمعاً بالجنة، بل مثل الحكيم (المجنون) ،عبدته حباً وشوقاً وأنت يا عابد عبدته خوفا وطمعاً !

إلهي كيف أنساك ولم تزل ذاكري ؟
وكيف ألهو عنك وأنت مراقبي ؟
http://www.elmostafaa.com/vb/images/smilies/A2.gif
http://www.elmostafaa.com/vb/images/smilies/ff161.gif
الفاروق عمر
http://alfaroukomar.hyperphp.com/vb/b7r.us-des1/misc/progress.gif

عمر آلعمر
03-14-2010, 08:23 AM
تأملت كثيراً في هذا الحوار والجدال بين العابد والمجنون ..

مما سبب لي الحيرة ..

ومما دعاني أن ألجأ إلى رأي الفقهاء وأهل العلم في تلك

المسألة التي هي محور ذلك الحوار ..

حيث تبين لي بعد ما اطلعت وقرأت بأن ذلك العابد على حق ..

وأن ذلك المجنون ما هو إلا مجنون بحق ..



وما يلي قول أهل العلم في ذلك :

قال تقي الدِّين السبكي رحمه الله :

العاملون على أصناف : صنف عبدوه لذاته، وكونه مستحقّاً لذلك,

فإنه مستحق لذلك، لو لم يخلق جنَّة ولا ناراً فهذا معنى قول من قال :

( ما عبدناك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنَّتك )، أي : بل عبدناك

لاستحقاقك ذلك، ومع هذا فهذا القائل يسأل الله الجنَّة، ويستعيذ به

من النار، ويظن بعض الجهلة خلاف ذلك، وهو جهل، فمَن لم يسأل

الله الجنَّة والنجاة من النار : فهو مخالف للسنَّة؛ فإن مِن سنَّة النَّبي

صلى الله عليه وسلم ذلك، ولما قال ذلك القائل للنبي صلى الله عليه

وسلم : "إنه يسأل الله الجنة، ويستعيذ به من النار"، وقال :

"ما أُحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ" : قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( حولها ندندن ).

فهذا سيد الأولين والآخرين يقول هذه المقالة، فمن اعتقد خلاف ذلك :

فهو جاهل ، ختَّال ..


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

قال بعض السلف : "مَن عبد الله بالحب وحده : فهو زنديق،

ومَن عبده بالخوف وحده : فهو حروري – أي : خارجي،

ومَن عبده بالرجاء وحده : فهو مرجئ،

ومن عبده بالحب والخوف والرجاء : فهو مؤمن موحد ..


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

كل ما أعده الله لأوليائه : فهو مِن الجنَّة، والنظر إليه هو من الجنة،

ولهذا كان أفضل الخلق يسأل الله الجنَّة، ويستعيذ به من النَّار،

ولما سألَ بعضَ أصحابه عما يقول في صلاته، قال :

"إني أسأل الله الجنَّة، وأعوذ بالله من النَّار، أما إني لا أُحسن دندنتك،

ولا دندنة معاذ" ، فقال : ( حولها ندندن ).


وكان هناك سؤال موجه لأهل العلم يقول :

أشعر أني أقوم بالعبادات والطاعات بدافع حبِّ الجنَّة، والخوف من النَّار،

وليس بدافع محبة الله، أو حب الطاعات، فما السبب في ذلك ..؟!

وما العلاج ..؟! أريد أن أقوم بأي عبادة حبّاً في الله، وحبّاً في طاعته،

في المقام الأول، فما السبيل إلى ذلك ..؟!

وكان الجواب :

الحمد لله,, هذا الإشكال في سؤالك أخي الفاضل منبعه تلك المقولة الخاطئة

المشتهرة " لا نعبد الله خوفاً من ناره ، ولا طمعاً في جنته ، بل نعبده

حبّاً له " ! وبعضهم يذكرها بصيغة أخرى مفادها : أنه من عبد الله

خوفاً من ناره فهي عبادة العبيد،

ومن عبده طمعاً في جنته فهي عبادة التجار،

وزعموا أن العابد هو من عبده حبّاً له تعالى !!

وأيّاً كانت العبارة، أو الصيغة التي تحمل تلك المعاني، وأيا كان قائلها :

فإنها خطأ، وهي مخالفة للشرع المطهَّر، ويدل على ذلك :

1 - أنه ليس بين الحب والخوف والرجاء تعارض حتى تريد - أخي السائل -

أن تعبد ربك تعالى حبّاً له؛ لأن الذي يخافه تعالى ويرجوه ليست محبة

الله منزوعة منه، بل لعله أكثر تحقيقاً لها من كثيرين يزعمون محبته.

2 - أن العبادة الشرعية عند أهل السنَّة تشمل المحبة والتعظيم، والمحبة

تولِّد الرجاء، والتعظيم يولِّد الخوف. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :

والعبادة مبنية على أمرين عظيمين، هما : المحبة، والتعظيم، الناتج عنهما :

( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهَباً ) فبالمحبة تكون

الرغبة، وبالتعظيم تكون الرهبة، والخوف. ولهذا كانت العبادة أوامر،

ونواهي : أوامر مبنية على الرغبة، وطلب الوصول إلى الآمر، ونواهي

مبنية على التعظيم، والرهبة من هذا العظيم.

فإذا أحببتَ الله عز وجل : رغبتَ فيما عنده، ورغبت في الوصول إليه،

وطلبتَ الطريق الموصل إليه، وقمتَ بطاعته على الوجه الأكمل، وإذا

عظمتَه : خفتَ منه، كلما هممتَ بمعصية استشعرت عظمة الخالق عز

وجل، فنفرتَ، ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ

لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ )

فهذه مِن نعمة الله عليك، إذا هممتَ بمعصية وجدتَ الله أمامك، فهبتَ،

وخفتَ، وتباعدتَ عن المعصية؛ لأنك تعبد الله رغبة، ورهبة ..


قال ابن جرير الطبري رحمه الله :

ويعنى بقوله : ( رَغَباً ) : أنهم كانوا يعبدونه رغبة منهم فيما يرجون منه،

من رحمته ، وفضله. ( وَرَهَباً ) : يعني : رهبة منهم، من عذابه، وعقابه،

بتركهم عبادته، وركوبهم معصيته.


وقال القرطبي رحمه الله :

( وادعوه خوفاً وطمعاً ) أمر بأن يكون الإنسان في حالة ترقب، وتخوف،

وتأميل لله عز وجل، حتى يكون الرجاء والخوف للإنسان كالجناحين للطائر،

يحملانه في طريق استقامته، وإن انفرد أحدهما : هلك الإنسان، قال الله

تعالى : ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ )

الدامعه بصمت
03-14-2010, 12:38 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .