منتديات أعز الناس

منتديات أعز الناس (https://www.a3zz.net/index.php)
-   ثقافة (https://www.a3zz.net/forumdisplay.php?f=16)
-   -   الأماكن.... كلها ....مشتاقة ....لك !!! (https://www.a3zz.net/showthread.php?t=9404)

زارع الورد 01-16-2012 09:00 PM

الأماكن.... كلها ....مشتاقة ....لك !!!
 


الأماكن ... وما أدراك ... ما الأماكن ؟؟!!

مواضع.. نزرع فيها ونحصد تفاصيل كثيرة من حياتنا

وننقش على جبينها أجمل الذكريات وأعذب اللحظات ، وقد

ندفن بين أخاديدها وهضابها وتجاعيد شيخوختها بعضاً

من أحزاننا ، وآهاتنا ...

إليك ...يا هذه الأماكن ألف تحية! .. وألف ألف رسـالة

عشق أبعثها إليك مغموسة ً في لجج من دمــوع الحــزن

والفرح ..تصـافحت .. تعانقت .. انمـزجت .. فكانت لك

الروح .. وكنت ِ لها الجسد !!.

من هنا .. حيث لا أراك .. أشـــد عصــا التــرحــــــــال

حتى أراك . فهناك مواضع ( سقط اللوى - الدخول -

حومل ) أماكن كانت بنجد ، تدفـق فيها نبــع الحياة حيناً من

الدهر حتى توقف. فرحلت أجساد أصحابها، وبقيت تلك

الأماكن شاهدة بأطلالها الشامخة على عشـــــق وبكاء

امرئ القيس حين قال :

( قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل ِ

بسقط اللوى بين الدخول فحومل )



ومن هنا إلى هناك حيث ( الجواء [ وادٍ في ديار عبس بالقصيم ] )

يطل علينا عنترة بن شداد العبسي بقامته السوداء المهيبة ..

الفارس العاشق .. ويحضر المكان أيضاً ليشهد هزيمة ذلك

الفارس العنيد والشهم المنيع أمام عشقه حيث يجثوا على

ركبتيه ليقول مخاطباً دار ومكان من أحب :

( يا دار عـبــلـة بالجــواء تكلمــي

وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي )

ثم ينهض بعنفوانه وبأسه وسط معاركه الطاحنة ليؤكد أن

عشقه معــه أينما كان وبأي ظــــرف كان حين قال مخاطباً

التي هزمته بحد رموشها الهزيمة الوحيدة في حياته :

( ولقد ذكرتُك والرمــــاح نواهـــلٌ

مني وبيض الهند تقطرُ من دمـــي


فـــودتُ تقبيـل السيــــوف لأنهــــا

لمعت كبارق ثغــــرك ِ المتبســــــم ِ)


هنا العشق والمكان لا ينفصلان .. والإقدام والحب ينمزجان

فلا تدري أيهما أبلغ من الآخر.

ونخطو قدماً حيث ( حومانة الدراج – المتثلم [ موضعان بنجد ] )

ومع شاعر الحكمة .. الشاعـــر الوقــــور ..

زهير بن أبي سلمى ليسجل مكانه وعشقه في قوله :

( أمن أم أوفى دمنة لم تكلم

بحومانة الدراج فالمتثلـــم ).


ومكان آخر للعشق وهو ( برقة ثهمد ) وهما وإن اختلف

في تحديد موضعهما فلن يُختلف في أنهما من أمكنة ذكريات

العشق التي تغنى بها طرفة بن العبد في مطلع معلقته :

لخــــولة أطــلال ببرقــة ثهمـــــد

تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد ِ



وحيثما نمضي لنا مع الأماكن موعد ولقاء.. فمنها :

( الغول والرجام [ جبلان بحمى ضرية في عالية نجد جنوب غرب القصيم ] )

ذكرها الشاعر لبيد بن ربيعة العامري في مطلع معلقته :


( عفت الديار محلها فمقامها

بمنى تأبد غولها فرجامها )



ومن تلك الأماكن :

( العلياء والسند [ موضعان في البادية ] ) ذكرهما النابغة

الذبياني في مطلع معلقته :

يادار مية بالعلياء فالسند

أقوى وطال عليها سالف الأبد



ومن تلك الأماكن :

( ملحوب – القطبيات – الذنوب [ مواضع أيضا في البادية ] )

ذكرها عبيد بن الأبرص في مطلع معلقته :

( أقفر من أهله ملحوب

فالقطبيات فالذنوب ))



= هذه بعض أماكن العشق في الجاهلية .. حيث سكنت

قوافي الشعر ، وحلت ورحلت .. حيث تمسي قريرة العين

بلقاء الأحباب .. وتصبح دامعة العينين على فراقهم ..


فماذا حل بالأماكن وشواهد العشق بعد ذلك ؟؟

يبدو أن طغيان التحضر وركون البعض إلى الاستقرار مع

توفر بعض الرفاهية للكثيرين منهم ..إلى جانب بعدهم عن

أصالة الماضي وعشقه ودفئ المكان ونبضه ، أدى كل ذلك

إلى ضعف الإنتماء إلى الأماكن ( الأطلال ) فلم تعد عندهم

تعني شيئاً .. بل أنها صارت مدخلاً للتهكم والسخرية من

شعراء العصر الجاهلي الذين أكثروا من ذكر الأماكن وبكوا

على الأطلال ووصف ديار الأحبة ..

فهاهو [ الحسن بن هانئ أبو علي المعروف بأبي نواس ]

في القرن الثاني الهجري يقول ساخراً ومتهكماً من امرئ

القيس ومن قوله في مطلع معلقته ( قفا نبكِ... ) :

( قُل لِمَن يَبكي عَلى رَسمٍ دَرَس

واقِفاً ما ضَرَّ لَو كانَ جَلَس )

ويقول أيضاً متهكماً من وصف ديار الأحبة وأماكنهم :

( عاج الشقي على ربع يسائله

وعجت أسأل عن خمارة البلد


يبكي على طلل الماضين من أسد

لا در درك قل لي من بنو أسد ؟؟


ومن تميم ومن قيس ولفهما ؟؟

ليس الأعاريب عند الله من أحد


لا جف دمع الذي يبكي على حجر

ولا صفا قلب من يصبو الى وتد )


أقول ، ما لنا ولهذا الشاعر الهجين الذي غلب عليه نصفه

الفارسي على نصفه العربي .. بل كيف يدرك أن القضية

ليست بكاء على حجر ولا شوق لوتد - كما يزعم - وهو قد

سقط من رحم أمه إلى زجاجة خمر يعاقرها أغلب

عمره .. ( يعني ..ما يدري وين الله حاطه )..

فهذا التنكر للأماكن وما ترمز إليه من أحاسيس إنسانية

لم يكن إلا من شواذ الناس بظروفهم الخاصة ...



وتبقى الأماكن أوتار العشق ونبض الشعر بأي اسم

كانت ( أطلال - ديار - ربع - جدران ..إلخ ) ...



= ونطلق ألحان الأماكن من جديد وأصالة العشق الأصيل

مع شعراء آخرين بنوا أماكن عشقهم من قوافي شعرهم ..

فأسكنونا حيث سكنوا .. وصافحونا بأكف مشاعرهم ،

حين طرقنا أبواب أماكنهم ...


- فهذا هو [ كثير عزة / كثير بن عبد الرحمن بن الأسود

بن مليح من خزاعة - 40 هـ - 105 هـ ] ومن مواقف

عشقه لعزة .. ما روي:

أن عبد الملك بن مروان سأل كثير - حين قدم إليه - عن

أعجب خبر له مع عزة .. فقال: حججت في أحد الأعوام

وحجت عزة مع زوجها .. ولم يعلم أحدنا بصاحبه ..فلما

كنا ببعض الطريق ..طلب منها زوجها أن تشتري سمناً

تصلح به الطعام .. فطافت الخيام حتى دخلت علي وهي

لا تعلم أنها خيمتي .. وكنتُ أبري سهماً ..فلما رأيتها

أخذت أبري ذراعي وأنا أنظر إليها وهي تنظر إلي ..فلما

رأتْ دمي يسيل على الأرض أخذتْ تمسحه بطرف ثوبها..

وكان عندي وعاء سمن فحلفت أن تأخـــذه فأخــذتــــــــه

فلما رأى زوجها الدم في ثوبها سألهاعنه فلم تخبره ..

فأصر وحلف عليها ..فأخبرته.. فضربها ، وحلف عليها

لتشتمني في وجهي فرفضتْ، لكنه أجبرها على ذلك ففعلت

وهي تبكي ..

ثم إن كثير بعد ذلك أنشد قصيدة منها قوله :

خليلي َ هذا ربع عزة فاعقلا

قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلتْ


ومسا تراباً كان قد مس جلدها

وبيتا وظلا حيث باتت وظلتْ



وهنا يعود المكان كعادته ينبض بحب أصحابه وساكنيه..

-وهذا قيس بن الملوح ( مجنون ليلى ) له قصة مع مكان

آخر وشاهد من شواهد العشق اسمه ( جبل التوباد ) وهو

يقع في قرية الغيل. وقد كان هذا المكان منذ ألف عام

تقريباً مقراً لقبيلة بني عامر ( قبيلة قيس بن الملوح وليلى العامرية )

وحالياً تقع جنوب غرب محافظة الأفلاج 40 كم عن مدينة

ليلى عاصمة المحافظة.

وقد قال فيه قيس بن الملوح مخاطباً إياه :

وأجهشت للتوباد حين رأيته

وكبر للرحمــن حين رآني


وأذرفت دمع العين لما عرفته

ونادى بأعلى صوته فدعاني


فقلت له أين الذين عهدتهم

حواليك في خصب وطيب زمان


فقال مضوا واستودعوني بلادهم

ومن ذا الذي يبقى من الحدثان


وإني لأبكي اليوم من حذري غداً

فـراقـك والحيــان مؤتلفان


يا له من حوار وعشق بين الإنسان والمكان ..!!

ذلك الذي ضم الأحبة واحتضن الذكرايات ،فغدت كالأرواح

تروح وتغدو ، تأبى أن تغادر أمكنتها بعد رحيل أصحابها.

ويقول قيس أيضاً :

أمر على الديار ديار ليلــى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي... ولكن حب من سكن الديارا


هنا يزيد ولعنا بالمكان حين يكون مقراً لمن نحب. وكأننا

نشتم فيه عبق أنفاس الأحباب وعطرهم.



وما بين الأمس واليوم .. والماضي والحاضر ..تتجدد الأماكن

بهمس قوافيها .. وعذوبة ألحانها .. وصدق مشاعرها ..

وقصص عشقها .. لتؤكد أنها مازالت - رغم كل شي - هي

كل شي في أعماقنا .. وإن بدت وكأنها منسية ...


- وليس غريباً أن نجد شاعراً نظر إلى الأفق البعيد فاجتازه

نحو الماضي .. واخترق جدار صوت الزمن عبر العصور ..

واختصر كل المسافات المكانية والزمانية .. واستحضر

أرواح العشاق بأمكنتها ..

وفي لحظة إبداع صادقة ..غرد حرفه وهمت غمائم كلماته ..

وشق صوته المغرد صخب الإبداع المزيف ليقول :

- ( الأماكن كلها مشتاقة لك

والعيون اللي أنرسم فيها خيالك

والحنين اللي سرى بروحي وجالك

ما هو بس أنا حبيبي

الأماكن كلها مشتاقة لك

الأماكن اللي مريت أنت فيها

عايشه بروحي وأبيها

بس لكن ما لقيتك....

الأماكن كلها مشتاقة لك

ليه كل ما جيت أسأل هالمكان

اسمع الـمـاضي يقول

ما هو بس أنا حبيبي

الأماكن

كلها مشتاقة لك...)



إنها الأماكن ..ذلك اللحن الخالد في أعماقنا ..

والوتر الرنان في أحاسيسنا ..

أنشودة الماضي والحاضر ..



فهل لنا أمكنة - نحن أعضاء هذا المنتدى - نستطيع أن

نصلها أوتصلنا بشيء من الذكرى الجميلة ..

واللحظات الهانئة السعيدة ..في أي مكان كان ؟؟؟!!!

علينا أن نفتش معاً.. لعلنا نجد بعضاً من تلك الملامح

الأثرية في وجودنا ..هنا ..أ وهناك .. فقد تبوح بما

عجزت ألسنتنا البوح به ...



تحياتي للجميع ..

الــــ زارع ـــورد ,,




بنت سلمآان 01-16-2012 11:13 PM

يعجبني بمواضيعك روعه الانتقاء بروعه اللقاء لتلك الانامل


ابدعت فاجادت


فعلا الأماكن


كنت هنا ومضيت لن اوفي موضوعك حقه


اميرة

زارع الورد 01-17-2012 01:22 PM

حضورك وقراءتك للموضوع أبلغ

من أي كلام .. اسعدني تواجد ك كثيراً

أختي ( أميرة ...) ...

يعطيك ألف عافية ...

ام سامح 01-17-2012 08:42 PM


إنها الأماكن ..ذلك اللحن الخالد في أعماقنا ..
والوتر الرنان في أحاسيسنا .. أنشودة الماضي
والحاضر ..
فهل لنا أمكنة -
نحن أعضاء هذا المنتدى
- نستطيع
أن نصلها أوتصلنا بشيء من الذكرى الجميلة ..
واللحظات الهانئة السعيدة ..في أي مكان كان ؟؟؟!!!

علينا أن نفتش معاً ..لعلنا نجد بعضاً من تلك الملامح
الأثرية في وجودنا ..هنا ..أ وهناك .. فقد تبوح بما
عجزت ألسنتنا البوح به ...





اخى الفاضل زارع الورد

موضوعك اثار فى قلوبنا شجون وحنين الى تلك الاماكن التى طالما نحن اليها
اماكن لها ذكريات لم ولن تنسى من ذاكرتنا
هى جزء هام من حياتنا وعمرنا نحن اليها دائما
فمنا من يتذكرها ومنا من لايعيرها اى اهتمام وكأنها اماكن مرت كما تمر اى ذكرى جميلة عابرة

اخى زارع الورد

كلمات كقطرات المطر تغسل القلب من الهموم
والحزن
دائما اجد فى متصفحك متعة القراءة وجودة الطرح
دمت ودام ابداعك لنا .... لك منى تقييم لهذا الابداع
كنت هنا واستمتعت بقلمك وطرحك الرائع
لك منى كل تحية وتقدير

زارع الورد 01-17-2012 11:05 PM

هلا وغلا أختي ( أم سامح )

أسعتيني كثيراً بهذا الحضور العطر

وهذه الإضافة العذبة ..

لك مني كل الشكر والتقدير ..

أبو سامي 01-21-2012 04:16 PM

لله درك ما أروعك وما أجمل أحاسيسك وما اعذب افكارك

درر تناثرت هنا بفرط نقاء فكرك وصفاء عقلك وجلاء شاعريتك أيها الفاضل

أبحرت في أرجائها تتلاطم بي أمواجها فتجذبني تارةً لمحورها وتارةً تقذف بي على شطآنها

قطعة أدبية من الإجحاف أن نقول عنها رائعة بل فاقت الروعة وصفاً وإعجاباً لما تحمله من أدبياتٍ مر عليها العديد من العصور ومازالت وسوف تبقى نبراساً أدبياً إلى أن يشاء الله


الأماكن كلها مشتاقة لك
وذاءقتنا كلها مشتاقة لك

فلا تطيل بها الإشتياق

أستاذي الكريم سيدي الفاضل

زارع الورد

تقبل ذروة إعجابي بما نزفت

وتقبل تحيتي وجل تقديري .

نفسي عزيزة 01-23-2012 01:24 AM

حين يرتبط المكان بمن نحب
يكون غيابهم فيه حضورا
نتخيلهم بحضور أشهى
و حلة أبهى
نشم رائحتهم في زوايا المكان
نسمع همس أصواتهم و رقة ضحكاتهم
و يعيد الزمن نفسه بكل تفاصيله

و طقوسه و ساعاته و ذكرياته


زارع الورد



تملك حضورا جعل كلماتك تتبوأ أجمل مكان في نفوسنا


تحياتي لك

زارع الورد 01-23-2012 03:21 AM


تسلم أخوي ( عــ الشوق ــازف )

على حضورك العطر .. وكلماتك السخية بحبر ثنائها ...

إنما يكتمل الفن والفكر والذوق إذا كنتَ إحدى زواياه ..

فأهلاً بك أخي الكريم ... في متصفحي المتواضع ...

زارع الورد 01-23-2012 03:28 AM

((حين يرتبط المكان بمن نحب
يكون غيابهم فيه حضورا
نتخيلهم بحضور أشهى
و حلة أبهى
نشم رائحتهم في زوايا المكان
نسمع همس أصواتهم و رقة ضحكاتهم
و يعيد الزمن نفسه بكل تفاصيله


و طقوسه و ساعاته و ذكرياته))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
صدقتي أختي الكريمة ( نفسي عزيزة )

فالمكان لا يفقد عطر أحبته مهما شاخت
سنين عمره ..

ما أسعدني بوجودك هنا .. حيث أسكنتي

كلماتك برجاً عالياً في إحساسي الذي
صفق كثيراً لأضافتك الجميلة ..

يعطيك العافية .. ودمتي بحفظ الله ..

عمر آلعمر 01-23-2012 04:50 AM



تبقى الأمكنة متنفس لعواطف وآمال المحب
عندما يفقد حبيبه ..
لكونها تحتفظ ببقاياه ..
ويرى فيها مالا نراه ..
لذا يميل إليها القلب والإحساس ..
وتعشقها العيون والأنفاس ..


أستاذنا الفاضل/ زارع الورد ..
حروفك رسمت لنا أجمل تعبير ..
وفسرت المعنى أجمل تفسير ..
فلك أجزل عبارات الشكر والتقدير ..


الساعة الآن 12:11 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! ©, Soft
.