منتديات أعز الناس

منتديات أعز الناس (https://www.a3zz.net/index.php)
-   نفحات إسلامية (https://www.a3zz.net/forumdisplay.php?f=147)
-   -   هذا هو القرآن ... يتبع . (https://www.a3zz.net/showthread.php?t=15286)

ناصح أمين 10-30-2019 09:58 AM

هذا هو القرآن ... يتبع .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم

المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين


= 1 =

القرآن كتاب دعوة.
ودستور نظام، ومنهج حياة، لا كتاب رواية ولا تسلية ولا تاريخ.

والقرآن يصدق في عمومه ما سبقه من الكتب السماوية،

فأساس دين الله واحد في جميع الكتب السماوية وجميع الديانات الإلهية.
فهو هدى وبشرى للقلوب المؤمنة.


إن نصوص القرآن لتسكب في قلب المؤمن من الإيناس، وتفتح
له من أبواب المعرفة.

= 2 =

القرآن هو كتاب هذه الأمة الحي، ورائدها الناصح، وأنه هو مدرستها

التي تلقت فيها دروس حياتها ..

وأن الله – سبحانه – كان يربي به الجماعة المسلمة الأولى التي قسم لها

إقامة منهجه الرباني في الأرض ..

و أنه – تعالى – أراد بهذا القرآن أن يكون هو الرائد الحي الباقي بعد

وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم لقيادة أجيال هذه الأمة وتربيتها
وإعدادها لدور القيادة الراشدة الذي وعدها به.

= 3 =

إن هذا القرآن ليس مجرد كلام يتلى .. ولكنه دستور شامل ..

دستور للتربية، كما أنه دستور للحياة العملية ..

ومن ثم فقد تضمن عرض تجارب البشرية بصورة موحية على الجماعة

المسلمة التي جاء لينشئها ويربيها ..

وتضمن بصفة خاصة تجارب الدعوة الإيمانية في الأرض من لدن

آدم عليه السلام وقدمها زادا للأمة المسلمة في جميع أجيالها.

تجاربها في الأنفس، وتجاربها في واقع الحياة. كي تكون الأمة المسلمة على

بينة من طريقها وهي تتزود لها بذلك الزاد الضخم وذلك الرصيد المتنوع.

ناصح أمين 10-31-2019 10:11 AM

= 4 =

فهو كائن حي متحرك.

ونحن نراه في ظل الوقائع يتحرك ويعمل في وسط الجماعة المسلمة،

ويواجه حالات واقعة فيدفع هذه ويقر هذه، ويدفع الجماعة
المسلمة ويوجهها.

فهو في عمل دائب، وفي حركة دائبة ..

إنه في ميدان المعركة وفي ميدان الحياة وهو العنصر المحرك الموجه في الميدان.

= 5 =

هو كتاب هذه الدعوة.

هو روحها وباعثها.

وهو قوامها وكيانها.

وهو حارسها وراعيها.

وهو بيانها وترجمانها.

وهو دستورها ومنهجها.

وهو حادي الطريق وهادي السبيل على توالي القرون.

ذلك أنه خطاب الله الأخير لهذا الإنسان في جميع العصور.

وهو في النهاية المرجع الذي تستمد منه الدعوة – كما يستمد منه الدعاة –
وسائل العمل، ومناهج الحركة ، وزاد الطريق.

ناصح أمين 11-04-2019 10:30 AM

= 6 =

نزل هذا القرآن الكريم على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لينشئ

به أمة، وليقيم به دولة، ولينظم به مجتمعاً، وليربي به ضمائر
وأخلاقاً وعقولاً ..

وليحدد به روابط ذلك المجتمع، فيما بينه، وروابط تلك الدولة مع سائر

الدول، وعلاقات تلك الأمة بشتى الأمم ..

وليربط ذلك كله برباط قوي واحد يجمع متفرقه، ويؤلف أجزاءه، ويشدها

كلها إلى مصدر واحد وإلى سلطان واحد وإلى جهة واحدة ..
وذلك هو الدين.

كما هو في حقيقة عند الله، وكما عرفه المسلمون. أيام أن كانوا مسلمين.

= 7 =

إن هذا القرآن هو معلم هذه الأمة ومرشدها ورائدها وحادي طريقها

على طول الطريق.

وهو يكشف لها عن حال أعدائها معها، وعن جبلتهم وعن تاريخهم

مع هدى الله كله.

ولو ظلت هذه الأمة تستشير قرآنها وتسمع توجيهاته، وتقيم قواعده

وتشريعاته في حياتها ما استطاع أعداؤها أن ينالوا منها في يوم من الأيام.

ولكنها حين نقضت ميثاقها مع ربها، وحين اتخذت القرآن مهجورا – وإن

كانت ما تزال تتخذ منه ترانيم مطربة وتعاويذ ورقي وأدعية –
أصابها ما أصابها.

= 8 =

إن هذا القرآن لم يأت لمواجهة موقف تاريخي، إنما جاء منهجاً مطلقاً

خارجاً عن قيود الزمان والمكان.

منهجاً تتخذه الجماعة المسلمة حيثما كانت في مثل الموقف الذي

تنزل فيه هذا القرآن.

وهي اليوم في مثل هذا الموقف تماما، وقد استدار الزمان كهيئته يوم

جاء هذا القرآن لينشئ الإسلام في الأرض إنشاء.

فليكن اليقين الجازم بحقيقة هذا الدين.

والشعور الواضح بحقيقة قدرة الله وقهره.

والمفاصلة الحاسمة مع الباطل وأهله ..

لتكن هذه عدة الجماعة المسلمة ..

والله خير حافظاً و هو أرحم الراحمين.

محمدبن عبدالعزيز 11-05-2019 05:51 AM

جزاك الله خير على هذا الموضوع
ولك سلامي

ناصح أمين 11-06-2019 10:07 AM

======== 09 ========

و نزل القرآن ليبث الوعي اللازم للمسلم في المعركة التي يخوضها بعقيدته ، لتحقيق منهجه الجديد في واقع الحياة .

و لينشئ في ضمير المسلم تلك المفاصلة الكاملة بينه و بين كل من لا ينتمي إلى الجماعة المسلمة و لا يقف تحت رايتها الخاصة .

المفاصلة التي لا تنهي السماحة الخلقية .

فهذه صفة المسلم دائما .

و لكنها تنهي الولاء الذي لا يكون في قلب المسلم إلا لله و رسوله – صلى الله عليه و سلم – و الذين آمنوا .

======== 10 ========

و القرآن يهدي إلى الرشد بما ينشئه في القلب من تفتح و حساسية ، و إدراك و معرفة ، و اتصال بمصدر النور و الهدى و اتساق مع النواميس الإلهية الكبرى .

كما يهدي إلى الرشد بمنهجه التنظيمي للحياة و تصريفها .

هذا المنهج الذي لم تبلغ البشرية في تاريخها كله ، في ظل حضارة من الحضارات ، أو نظام من الأنظمة ، ما بلغته في ظله أفرادا و جماعات ، أخلاقا فردية و معاملات اجتماعية .. على السواء .

ناصح أمين 11-07-2019 10:12 AM

======== 11 ========

القرآن منهج حياة كامل .

منهج ملحوظ فيه نواميس الفطرة التي تصرف النفس البشرية في كل أطوارها و أحوالها ..

و التي تصرف الجماعات الإنسانية في كل ظروفها و أطوارها .

و من ثم فهو يعالج النفس المفردة ، و يعالج الجماعة المتشابكة بالقوانين الملائمة للفطرة المتغلغلة في وشائجها و دروبها و منحنياتها الكثيرة .

يعالجها علاجا متكاملا متناسق الخطوات في كل جانب ، في الوقت الواحد ، فلا يغيب عن حسابه احتمال من الاحتمالات الكثيرة ، و لا ملابسة من الملابسات المتعارضة في حياة الفرد و حياة الجماعة .

======== 12 ========

لقد جاء هذا القرآن ليربي أمة ، و يقيم لها نظاما ..

فتحمله هذه الأمة إلى مشارق الأرض و مغاربها ..

و تعلم به البشرية هذا النظام وفق المنهج الكامل المتكامل .

و من ثم فقد جاء هذا القرآن مفرقا وفق الحاجات الواقعية لتلك الأمة ، و وفق الملابسات التي صاحبت فترة التربية الأولى .

و التربية الزمان الطويل ، و بالتجربة العملية في الزمن الطويل

جاء ليكون منهجا عمليا يتحقق جزءا جزءا في مرحلة الإعداد ، لا فقها نظريا و لا فكرة تجريدية تعرض للقراءة و الاستمتاع الذهني .

ناصح أمين 11-10-2019 10:00 AM



======== 13 ========

إن القرآن ليس كتاب نظريات علمية ، و لم يجئ ليكون علما تجريبيا كذلك .

إنما هو منهج للحياة كلها .

منهج لتقويم العقل ليعمل و ينطلق في حدوده .

و لتقويم المجتمع ليسمح للعقل بالعمل و الانطلاق .

دون أن يدخل في جزئيات و تفصيليات علمية بحتة .

فهذا متروك للعقل بعد تقويمه و إطلاق سراحه .

======== 14 ========

لقد كان القرآن ينشئ قلوبا يعدها لحمل الأمانة .

و هذه القلوب كان يجب أن تكون من الصلابة و القوة و التجرد بحيث لا تتطلع – و هي تبذل كل شيء و تحتمل كل شيء – إلى شيء في هذه الأرض .

و لا تنتظر إلا الآخرة .

و لا ترجو إلا رضوان الله .

قلوبا مستعدة لقطع رحلة الأرض كلها في نصب و شقاء و حرمان و عذاب و تضحية و احتمال ، بلا جزاء في هذه الأرض قريب .

و لو كان هذا الجزاء هو انتصار الدعوة و غلبة الإسلام و ظهور المسلمين .

ناصح أمين 11-11-2019 09:59 AM

======== 15 ========

إن هذا القرآن جميل . و موح .

و فيه من اللمسات و الموحيات ما يصل القلب البشري بالوجود الجميل ، و ببارئ الوجود الجميل .

و يسكب فيه حقيقة الكون الكبيرة الموحية بحقيقة خالقه العظيم

======== 16 ========

و لقد جاء القرآن بمنهاج كامل شامل للحياة كلها .

و جاء في الوقت ذاته بمنهاج للتربية يوافق الفطرة البشرية عن علم بها من خالقها .

فجاء لذلك منجما وفق الحاجات الحية للجماعة المسلمة ، و هي في طريق نشأتها و نموها ، و وفق استعدادها الذي ينمو يوما بعد يوم في ظل المنهج التربوي الإلهي الدقيق .

جاء ليكون منهج تربية و منهاج حياة لا ليكون كتاب ثقافة يقرأ لمجرد اللذة أو لمجرد المعرفة .

جاء لينفذ حرفا حرفا و كلمة كلمة ، و تكليفا تكليفا .

جاء لتكون آياته هي الأوامر اليومية التي يتلقاها المسلمون في حينها ليعملوا بها فور تلقيها كما يتلقى الجندي في ثكنته أو في الميدان الأمر اليومي مع التأثر و الفهم و الرغبة في التنفيذ و مع الانطباع و التكيف وفق ما يتلقاه .

ناصح أمين 11-12-2019 09:58 AM

======== 17 ========

و القرآن يوجه القلوب و العقول دائما إلى مشاهد هذا الكون ، و يربط بينها و بين العقول و القلوب .

و يوقظ المشاعر لاستقبالها بحس جديد متفتح ، يتلقى الأصداء و الأضواء ، و ينفعل بها و يستجيب ، و يسير في هذا الكون ليلتقط الآيات المبثوثة في تضاعيفه ، المنثورة في أرجائه ، المعروضة في صفحاته ..

و يرى فيها يد الصانع المدبر ، ويستشعر آثار هذه اليد في كل ما تقع عليه عينه ، و كل ما يلمسه حسه ، و كل ما يلتقطه سمعه ..

و يتخذ من هذا كله مادة للتدبر و التفكر ، و الاتصال بالله عن طريق الاتصال بما صنعت يداه .

======== 18 ========

و هو طرف في استحياء الكون دائما في ضمائرنا ، و في إحياء شعورنا بالكون من حولنا ..

و في تحريك خوامد إحساسنا التي أفقدها طول الألفة إيقاع المشاهد الكونية العجيبة .

و طرف من ربط العقول و القلوب بهذا الكون الهائل العجيب .

ناصح أمين 11-14-2019 09:44 AM

======== 19 ========

و إن في هذا القرآن من القوة و السلطان ، و التأثير العميق ، و الجاذبية التي لا تقاوم ..

ما كان يهز قلوب الكفار هزا ..

و يزلزل أرواحهم زلزالا شديدا ..

فياغلبون أثره بكل وسيلة فلا يستطيعون إلى ذلك سبيلا .

و لقد كان كبراء قريش يقولون للجماهير :

{ لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } .

======== 20 ========

لقد شاء الله أن يجعل هذا القرآن هو معجزة هذه الرسالة – و لم يشاء أن ينزل آية قاهرة مادية تلوي الأعناق و تخضعها و تضطرها إلى التسليم –

ذلك أن هذه الرسالة الأخيرة رسالة مفتوحة للأمم كلها ، و للأجيال كلها ..

و ليست رسالة مغلقة على أهل زمان أو على أهل مكان .

فناسب أن تكون معجزتها مفتوحة كذلك للبعيد و القريب لكل أمة و لكل جيل .

ناصح أمين 11-16-2019 09:52 AM

======== 21 ========

جاء القرآن يبين أن منهج محمد – صلى الله عليه و سلم – و منهج القرآن غير منهج الشعراء و منهج الشعر أصلاً .

فإن هذا القرآن يستقيم على نهج واضح ، و يدعو إلى غاية محددة ، و يسير في طريق مستقيم إلى هذه الغاية .

و الرسول – صلى الله عليه و سلم – لا يقول اليوم قولا ينقضه غداً ، و لا يتبع أهواء و انفعالات متقلبة .

إنما يصر على دعوة ، و يثبت على عقيدة ، و يدأب على منهج لا عوج فيه .

و الشعراء ليسوا كذلك .

تتحكم فيهم مشاعرهم و تقودهم إلى التعبير عنها كيفما كانت .

و يرون الأمر الواحد في لحظة أسود و في لحظة أبيض .

يرضون فيقولون قولا ، و يسخطون فيقولون قولا آخر .

ثم هم أصحاب أمزجة لا تثبت على حال .

======== 22 ========

إن في القرآن كنوزا ضخمة من الهدى و المعرفة و الحركة و التوجيه .

و الإيمان هو مفتاح هذه الكنوز .

و لن تفتح كنوز القرآن إلا بمفتاح الإيمان .

و الذين آمنوا حق الإيمان حققوا الخوارق بهذا القرآن .

فاما حين أصبح القرآن كتابا يترنم به المترنمون بآياته ، فتصل إلى الآذان و لا تتعداها إلى القلوب .

فإنه لم يصنع شيئا .

و لم ينتفع به أحد .

لقد ظل كنزاً بلا مفتاح .

ناصح أمين 11-16-2019 09:56 AM

======== 21 ========

جاء القرآن يبين أن منهج محمد – صلى الله عليه و سلم – و منهج القرآن غير منهج الشعراء و منهج الشعر أصلاً .

فإن هذا القرآن يستقيم على نهج واضح ، و يدعو إلى غاية محددة ، و يسير في طريق مستقيم إلى هذه الغاية .

و الرسول – صلى الله عليه و سلم – لا يقول اليوم قولا ينقضه غداً ، و لا يتبع أهواء و انفعالات متقلبة .

إنما يصر على دعوة ، و يثبت على عقيدة ، و يدأب على منهج لا عوج فيه .

و الشعراء ليسوا كذلك .

تتحكم فيهم مشاعرهم و تقودهم إلى التعبير عنها كيفما كانت .

و يرون الأمر الواحد في لحظة أسود و في لحظة أبيض .

يرضون فيقولون قولا ، و يسخطون فيقولون قولا آخر .

ثم هم أصحاب أمزجة لا تثبت على حال .

======== 22 ========

إن في القرآن كنوزا ضخمة من الهدى و المعرفة و الحركة و التوجيه .

و الإيمان هو مفتاح هذه الكنوز .

و لن تفتح كنوز القرآن إلا بمفتاح الإيمان .

و الذين آمنوا حق الإيمان حققوا الخوارق بهذا القرآن .

فاما حين أصبح القرآن كتابا يترنم به المترنمون بآياته ، فتصل إلى الآذان و لا تتعداها إلى القلوب .

فإنه لم يصنع شيئا .

و لم ينتفع به أحد .

لقد ظل كنزاً بلا مفتاح .


http://www.a3zz.net/srab-a3z-alnass/img/reputation.gif http://www.a3zz.net/srab-a3z-alnass/img/report.gif

ناصح أمين 11-18-2019 09:41 AM

======== 23 ========

و قد جاء القرآن فطهر صفحات الرسل الكرام مما لوثتهم به الأساطير الإسرائيلية التي أضافوها إلى الثورة المنزلة ..

كما صحح تلك الأساطير عن عيسى ابن مريم – عليه السلام .

و هذا القرآن هو المهيمن على الكتب قبله الذي يفصل في خلافات القوم فيها ، و يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه .

======== 24 ========

فالقرآن هو كتاب هذه الدعوة و دستورها و وسيلتها كذلك

و قد أمر أن يجاهد به الكفار .

و فيه وحده الغناء في جهاد الأرواح و العقول .

و فيه ما يأخذ على النفوس أقطرها ، و على المشاعر طرقها .

و فيه ما يزلزل القلوب الجاسية و يهزها هزا لا تبقى معه على قرار .

و ما شرع القتال بعد ذلك إلا لحمية المؤمنين من الفتنة و ضمان حرية الدعوة بهذا القرآن .

ناصح أمين 11-21-2019 09:40 AM

======== 25 ========

و القرآن هو كتاب هذه الأمة الخالد ، الذي أخرجها من الظلمات إلى النور ..

فأنشأها هذه النشأة ، و بدلها من خوفها أمنا ، و مكن لها في الأرض ..

و وهبها مقوماتها التي صارت بها أمة ، و لم تكن من قبل شيئا .

و هي بدون هذه المقومات ليست أمة و ليس لها مكان في الأرض و لا ذكر في السماء .

فلا أقل من شكر الله على نعمت هذا القرآن بالاستجابة التامة .

======== 26 ========

و فيه من كل مثل ..

و فيه من كل نمط من أنماط الخطاب ..

و فيه من كل وسيلة لإيقاظ القلوب و العقول ..

و فيه من شتى اللمسات الموحية العميقة التأثير .

و هو يخاطب كل قلب و كل عقل و كل بيئة و كل محيط ..

و هو يخاطب النفس البشرية في كل حالة من حالاتها و في كل طور من أطوارها .

ناصح أمين 11-24-2019 10:05 AM

======== 27 ========

القرآن كان دائماً في المعركة .

سواء تلك المعركة الناشئة في القلوب بين تصورات الجاهلية و تصورات الإسلام ، و المعركة الناشئة في الجو الخارجي بين الجماعة المسلمة و أعدائها الذين يتربصون بها من كل جانب .

لقد نزّل الله القرآن لينشئ حياة كاملة ، و يحركها ، و يقودها إلى شاطئ الأمان بين الأشواك و العثرات ، و مشقات الطريق ، التي تتناثر فيها الشهوات كما تتناثر فيها العقبات . و الله المستعان .

======== 28 ========

لقد كان القرآن بصدد إنشاء تصور خاص ، و نظام خاص ، و مجتمع خاص ..

كان بصدد إنشاء أمة جديدة في الأرض ، ذات دور خاص في قيادة البشرية ، لتنشئ نموذجاً معيناً من المجتمعات غير مسبوق ، و لتعيش حياة نموذجية خاصة غير مسبوقة و لتقر قواعد هذه الحياة في الأرض و تقود إليها الناس .

إن مادة القرآن التي يعمل فيها هي الإنسان ذاته : تصوره و اعتقاده ، و مشاعره و مفهوماته ، و سلوكه و أعماله ، و روابطه و علاقاته ..

أما العلوم المادية و الإبداع في عالم المادة بشتى وسائله و صنوفه فهي موكولة إلى عقل الإنسان و تجاربه و كشوفه و فروضه و نظرياته .

بما أنها أساس خلافته في الأرض ، و بما أنه مهيأ لها بطبيعة تكوينه .

و القرآن يصحح له فطرته كي لا تنحرف و لا تفسد ..

و يصحح له النظام الذي يعيش فيه كي يسمح له باستخدام طاقته الموهوبة له ..

و يزوده بالتصور العام لطبيعة الكون و ارتباطه بخالقه ، و تناسق تكوينه ن و طبيعة العلاقة بين أجزائه – و هو أي الإنسان أحد أجزائه - .

ثم يدع له أن يعمل في إدراك الجزئيات و الانتفاع بها في خلافته ..

و لا يعطيه تفصيلات لأن معرفة هذه التفصيلات جزء من عمله الذاتي .

ناصح أمين 11-25-2019 10:03 AM

======== 29 ========

إن الحقائق القرآنية حقائق نهائية قاطعة مطلقة .

أما ما يصل إليه البحث الإنساني – أيا كانت الأدوات المتاحة له – فهي حقائق غير نهائية و لا قاطعة ، وهي مقيدة بحدود تجاربه و ظروف هذه التجارب و أدواتها .

فمن الخطأ المنهجي – بحكم المنهج العلمي الإنساني ذاته – أن نعلق الحقائق النهاية القرآنية بحقائق غير نهاية و هي كل ما يصل إليه العلم البشري .

و الهزيمة الداخلية التي تخيل لبعض الناس أن العلم هو المهيمن و القرآن تابع .

و من هنا يحاولون تثبيت القران بالعلم ، أو الاستدلال له من العلم .

على حين أن القرآن كتاب كامل في موضوعه ، و نهائي في حقائقه .

و العلم ما يزال في موضوعه ينقض اليوم ما أثبته بالأمس و كل ما يصل إليه غير نهائي و لا مطلق ، لأنه مقيد بوسط الإنسان و عقله و أدواته .

======== 30 ========

إن هذا القرآن ليس مجرد كلام يتلى ..

و لكنه دستور شامل .. دستور للتربية ، كما أنه دستور للحياة العملية ..

و من ثم فقد تضن عرض تجارب البشرية بصورة موحية على الجماعة المسلمة التي جاء لينشئها و يربيها ..

و تضمن بصفة خاصة تجارب الدعوة الإيمانية في الأرض من لدن آدم – عليه السلام – و قدمها زاداً للأمة المسلمة في جميع أجيالها .

تجاربها في الأنفس ، و تجاربها في واقع الحياة .

كي تكون الأمة المسلمة على بينة من طريقها ، وهي تتزود لها بذلك الزاد الضخم و ذلك الرصيد المتنوع .

ناصح أمين 11-27-2019 10:14 AM

======== 31 ========

القرآن هو كتاب هذه الأمة الحي .

و رائدها الناصح .

و أنه هو مدرستها التي تلقت فيها دروس حياتها .

و أن الله – سبحانه – كان يربي به الجماعة المسلمة الأولى التي قسم لها إقامة منهجه الرباني في الأٍرض ، و ناط بها هذا الدور العظيم بعد أن أعدها له بهذا القرآن الكريم ..

و أنه – تعالى – أراد بهذا القرآن أن يكون هو الرائد الحي الباقي بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه و سلم –

لقيادة أجيال هذه الأمة و تربيتها ..

وإعدادها لدور القيادة الراشدة الذي وعدها به ، كلما اهتدت بهديه ، و استمسكت بعهدها معه ، و استمدت منهج حياتها كله من هذا القرآن ، و استعزت به و استعلت على جميع المناهج الأرضية .

و هي بصفتها هذه مناهج الجاهلية .

======== 32 ========

إن القرآن ليس كتاباً للتلاوة و لا للثقافة .. و كفى ..

إنما هو رصيد من الحيوية الدافعة ..

و إيحاء متجدد في المواقف و الحوادث ..

و نصوصه مهيأة للعمل في كل لحظة متى وجد القلب الذي يتعاطف معه و يتجاوب ، و وجد الظرف الذي يطلق الطاقة المكنونة في تلك النصوص ذات السر العجيب .

و إن الإنسان ليقرأ النص القرآني مئات المرات ثم يقف الموقف أو يواجه الحادث فإذا النص القرآني جديد ، يوحي إليه بما لم يوح من قبل قط ..

و يجيب على السؤال الحائر ، و يفتي في المشكلة المعقدة و يكشف الطريق الخافي ، و يرسم الاتجاه القاصد ..

و يفيء بالقلب إلى اليقين الجازم في الأمر الذي يواجهه ، و إلى الاطمئنان العميق .

و ليس ذلك لغير القرآن في قديم و لا حديث .

ناصح أمين 11-30-2019 09:51 AM

======== 33 ========

إن القرآن حقيقة ذات كينونة مستمرة كهذا الكون ذاته .

الكون كتاب الله المنظور .

و القرآن كتاب الله المقروء .

و كلاهما شهادة و دليل على صاحبه المبدع ، كما أن كليهما كائن ليعمل ..

و الكون بنواميسه ما زال يتحرك و يؤدي دوره الذي قدره له بارئه .

و القرآن كذلك أدى دوره للبشرية ، وما يزال هو هو و الإنسان ما يزال هو هو كذلك .

و هذا القرآن هو خطاب الله لهذا الإنسان فيمن خاطبهم الله به .

خطاب لا يتغير لأن الإنسان ذاته لم يتبدل خلقاً آخر ..

و القرآن يخاطبه في أصل فطرته و في أصل حقيقته التي لا تبديل فيها و لا تغيير ..

و يملك أن يوجه حياته اليوم و غداً لأنه معد لهذا ، بما أنه خطاب الله الأخير ، وبما أن طبيعته كطبيعة هذا الكون ثابتة متحركة بدون تبديل .

فهو حادي الطريق و هادي السبيل على توالي القرون .

ناصح أمين 12-11-2019 09:50 AM

======== 34 ========

هذا القرآن لا يعلم المسلمين العبادات و الشعائر فحسب ، و لا يعلمهم الآداب و الأخلاق فحسب كما يتصور الناس الدين ذلك التصور المسكين ..

إنما هو يأخذ حياتهم كلها جملة .

و يعرض لكل ما تتعرض له حياة الناس من ملابسات واقعية ..

و من ثم يطلب – بحق – الوصاية التامة على الحياة البشرية ..

و لا يقبل من الفرد المسلم و لا من المجتمع المسلم أقل من أن تكون حياته بجملتها من صنع هذا القرآن و تحت تصرفه و توجيهه ..

أي على وجه التحديد لا يقبل من الفرد المسلم و لا من المجتمع المسلم أن يجعل لحياته مناهج متعددة المصادر .

و إلا فلا إيمان أصلا و لا إسلام .

ناصح أمين 12-14-2019 09:56 AM

======== 35 ========

لقد كان هذا القرآن ينشئ أمة جديدة .

ينشئها من المجموعات المسلمة التي التقطها الإسلام من سفوح الجاهلية التي كانت تهيم فيها ، ليأخذ بيدها في المرتقى الصاعد إلى القمة السامقة ، و ليسلمها – بعد أن تكمل نشأتها – قيادة البشرية ، و يحدد لها دورها الضخم في هذه القيادة .

و حينما بلغت تلك الجماعة هذا المستوى تفوقت في أخلاقها الفردية و الاجتماعية بقدر تفوقها في تصورها الاعتقادي على سائر أهل الأرض ..

و عندئذ صنع الله بها في الأرض ما قدر أن يصنعه ، و أقامها حارسة لدينه و منهجه ، وقائدة للبشرية الضالة إلى النور و الهدى ، و أمينة على قيادة البشرية و إرشادها .

ناصح أمين 12-19-2019 09:55 AM

======== 36 ========

فالقرآن هو كتاب هذه الأمة ما عاشت .

فإذا استفتته عن أعدائها أفتاها ، و إذا استنصحته في أمرهم نصح لها ، و إذا استرشدت به أرشدها .

و قد أفتاها و أرشدها و نصح لها في شأن يهود فدانت لها رقابهم ..

ثم لما اتخذته مهجورا دانت هي لليهود .

و هي غافلة عن كتابها .. القرآن .. شاردة عن هديه ، ملقية به وراءها ظهريا ، متبعة قول فلان و فلان ..

و ستبقى كذلك غارقة في كيد يهود و قهر يهود حتى تثوب إلى القرآن .

======== 37 ========

القرآن هو كتاب الله الأخير للبشر .

و هو يصدق ما بين يديه من الكتاب في أصل الاعتقاد و التصور..

و لكنه - بما أنه هو الكتاب الأخير – يهيمن على كل من سبقه و إليه تنتهي شريعة الله التي ارتضاها لعباده إلى يوم الدين .

فما أقره من شرائع أهل الكتاب قبله فهو من شرع الله ، و ما نسخه فقد فقد صفته هذه و إن كان واردا في كتاب من الكتب المنزلة .

ناصح أمين 12-19-2019 09:56 AM

======== 36 ========

فالقرآن هو كتاب هذه الأمة ما عاشت .

فإذا استفتته عن أعدائها أفتاها ، و إذا استنصحته في أمرهم نصح لها ، و إذا استرشدت به أرشدها .

و قد أفتاها و أرشدها و نصح لها في شأن يهود فدانت لها رقابهم ..

ثم لما اتخذته مهجورا دانت هي لليهود .

و هي غافلة عن كتابها .. القرآن .. شاردة عن هديه ، ملقية به وراءها ظهريا ، متبعة قول فلان و فلان ..

و ستبقى كذلك غارقة في كيد يهود و قهر يهود حتى تثوب إلى القرآن .

======== 37 ========

القرآن هو كتاب الله الأخير للبشر .

و هو يصدق ما بين يديه من الكتاب في أصل الاعتقاد و التصور..

و لكنه - بما أنه هو الكتاب الأخير – يهيمن على كل من سبقه و إليه تنتهي شريعة الله التي ارتضاها لعباده إلى يوم الدين .

فما أقره من شرائع أهل الكتاب قبله فهو من شرع الله ، و ما نسخه فقد فقد صفته هذه و إن كان واردا في كتاب من الكتب المنزلة .

ناصح أمين 12-23-2019 09:54 AM

======== 38 ========

إن هذا القرآن يربي الفرد المسلم على أساس إخلاص ولائه لربه و رسوله – صلى الله عليه و سلم – و عقيدته و جماعته المسلمة ..

و على ضرورة المفاصلة الكاملة بين الصف الذي يقف فيه و كل صف آخر لا يرفع راية الله ..

و لا يتبع قيادة رسول الله – صلى الله عليه و سلم - ..

ولا ينضم إلى الجماعة التي تمثل حزب الله ..

و إشعاره أنه موضع اختيار الله ليكون ستارا لقدرته و أداة لتحقيق قدره في حياة البشر و في وقائع التاريخ .

و أن هذا الاختيار – بكل تكاليفه – فضل من الله يؤتيه من يشاء .

و أن موالاة غير الجماعة المسلمة معناه الارتداد عن دين الله ، و النكول عن هذا الاختيار العظيم ، و التخلي عن هذا التفضل الجميل .

======== 39 ========

يربي القرآن وعي المسلم بحقيقة أعدائه ، و حقيقة المعركة التي يخوضها معهم و يخوضونها معه .

إنها معركة العقيدة .

فالعقيدة هي القضية القائمة بين المسلم و كل أعدائه ..

و هم يعادونه لعقيدته و دينه قبل أي شيء آخر ..

و هم يعادونه هذا العداء الذي لا يهدأ لأنهم هم فاسقون عن دين الله ..

و من ثم يكرهون كل من يستقيم على دين الله .

{ قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله و ما أنزل إلينا و ما أنزل من قبل و أن أكثركم فاسقون }

فهذه هي العقدة ، وهذه هي الدوافع الأصيلة .

ناصح أمين 12-28-2019 10:07 AM

======== 40 ========

إن القرآن لا يقص قصة إلا ليواجه بها حالة .

و لا يقرر حقيقة إلا ليغير بها باطلاً ..

إنه يتحرك حركة واقعية حية في وسط واقعي حي .

إنه لا يقرر حقائقه للنظر المجرد ، و لا يقص قصصه لمجرد المتاع الفني .

======== 41 ========

الحروف المقطعة في بداية بعض السور تشير إلى أن هذا القرآن مؤلف من جنس هذه الأحرف العربية التي يستخدمها البشر ..

ثم يعجزهم أن يؤلفوا منها كلاما كهذا القرآن .

و أن هذا بذاته برهان أن هذا القرآن ليس من صنع البشر ، فقد كانت أمامهم الأحرف و الكلمات التي صيغ منها ، فلم يستطيعوا أن يصوغوا منها قرآنا مثله .

فلا بد من سر آخر وراء الأحرف و الكلمات .

ناصح أمين 01-01-2020 10:09 AM

======== 42 ========

نزل القرآن ليبث الوعي اللازم للمسلم في المعركة التي يخوضها بعقيدته لتحقيق منهجه الجديد في واقع الحياة

و لينشئ في ضمير المسلم تلك المفاصلة الكاملة بينه و بين كل من لا ينتمي إلى الجماعة المسلمة و لا يقف تحت رايتها الخاصة .

المفاصلة التي لا تنهي السماحة الخلقية .

فهذه صفة المسلم دائما و لكنها تنهي الولاء الذي لا يكون في قلب المسلم إلا لله و رسوله – صلى الله عليه و سلم – و الذين آمنوا ..

الوعي و المفاصلة اللذان لا بد منهما للمسلم في كل أرض و في كل جيل .

======== 43 ========

هذا القرآن جاء ليكون كتاب الأمة المسلمة في حياتها إلى يوم القيامة .

الكتاب الذي يبني تصورها الاعتقادي ، كما يبني نظامها الاجتماعي ، كما يبني خطتها الحركية .. سواء .

و يعلمها ففيم يكون التناصر بين المسلم و غير المسلم ..

و كيف يكون .

إنها قضية جازمة حاسمة لا تقبل التميع ، و لا يقبل الله فيها إلا الجد الصارم ، الجد الذي يليق بالمسلم في شأن دينه .

ناصح أمين 01-05-2020 09:58 AM

======== 44 ========

لقد جاء هذا القرآن لا ليقرر عقيدة فحسب ، و لا ليشرع شريعة فحسب .

و لكن كذلك ليربي أمة ، و ينشئ مجتمعا ، و ليكوّن الأفراد و ينشئهم على منهج عقلي و خلقي من صنعه ..

و هو يعلمهم أدب السؤال ، و حدود البحث ، و منهج المعرفة ..

و ما دام الله – سبحانه – هو الذي ينزل هذه الشريعة ، و يخبر بالغيب ، فمن الأدب أن يترك العبيد لحكمته تفصيل تلك الشريعة أو إجمالها ، وأن يتركوا له كذلك كشف هذا الغيب أو ستره .

و أن يقفوا هم في هذه الأمور عند الحدود التي أرادها الله العليم الخبير .

لا ليشددوا على أنفسهم بتنصيص النصوص و الجري وراء الاحتمالات و الفروض .

و الله أعلم بطاقة البشر و احتمالهم .

فهو يشرع لهم في حدود طاقتهم .

======== 45 ========

لقد كان القرآن المكي يفسر للإنسان سر وجوده و وجود هذا الكون ن حوله ..

كان يقول له :

من هو ؟ و من أين جاء ؟ و كيف جاء ؟ و لماذا جاء ؟ و إلى أين يذهب في نهاية المطاف ؟ ..

من ذا الذي جاء به من العدم و المجهول ..

و كان يقول له :

ما هذا الوجود الذي يحسه و يراه ، و الذي يحس أن وراءه غيبا يستشرفه و لا يراه ..

و كان يقول له أيضا :

كيف يتعامل مع خالق هذا الكون ، و مع الكون أيضا ، و كيف يتعامل العباد مع خالق العباد .

لقد كان يعالج القرآن القضية الأولى و القضية الكبرى و القضية الأساسية في هذا الدين الجديد " قضية العقيدة " ممثلة في قاعدتها الرئيسية : الألوهية و العبودية و ما بينهما من علاقة .

ناصح أمين 01-08-2020 10:12 AM

======== 46 ========

لقد كان القرآن الكريم يخاطب فطرة الإنسان بما في وجوده هو و بما في الوجود من حوله من دلائل و إيحاءات ..

كان يستنقذ فطرته من الركام ، و يخلص أجهزة الاستقبال الفطرية مما ران عليها و عطل وظائفها ..

و يفتح منافذ الفطرة لتتلقى الموحيات المؤثرة و تستجيب لها .

كان القرآن و هو يبني العقيدة في ضمائر الجماعة المسلمة يخوض بها معركة ضخمة مع الجاهلية من حولها ..

كما يخوض معركة ضخمة مع رواسب الجاهلية في ضميرها و أخلاقها و واقعها .

======== 47 ========

إن هذا القرآن لم يأت لمواجهة موقف تاريخي ، إنما جاء منهجا مطلقا خارجا عن قيود الزمان و المكان .

منهجا تتخذه الجماعة المسلمة حيثما كانت في مثل الموقف الذي تنزل فيه هذا القرآن .

وهي اليوم في مثل هذا الموقف تماما ، و قد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا القرآن لينشئ الإسلام في الأرض إنشاء .

فليكن اليقين الجازم بحقيقة هذا الدين .

و الشعور الواضح بحقيقة قدرة الله و قهره .

و المفاصلة الحاسمة مع الباطل و أهله .

لتكن هذه عدة الجماعة المسلمة ..

و الله خير حافظا و هو أرحم الراحمين .

ناصح أمين 01-12-2020 09:59 AM

======== 48 ========

إن أسرار هذا القرآن ستظل تتكشف لأصحابه جديدة دائما كلما عاشوا في ظلاله ..

و هم يخوضون معركة العقيدة ..

و يتدبرون بوعي أحداث التاريخ ..

و يطالعون بوعي أحداث الحاضر ..

و يرون بنور الله الذي يكشف الحق و ينير الطريق .

======== 49 ========

لقد نزل هذا الكتاب ليحكم بالعدل بين الناس فيما اختلفوا فيه ، و لتتمثل فيه حاكمية الله و ألوهيته .

ثم لقد نزل هذا الكتاب مفصلا محتويا على المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحياة جملة .

كما أنه تضمن أحكاما تفصيلية في المسائل التي يريد الله أن يثبتها في المجتمع الإنساني مهما اختلفت مستوياته الاقتصادية و العلمية و الواقعية جملة ..

و بهذا و ذلك كان في هذا الكتاب غناء عن تحكيم غير الله في شأن من شؤون الحياة .

ناصح أمين 01-15-2020 10:10 AM

======== 50 ========

إن هذا القرآن يتلى على الناس في هذه الدنيا الحاضرة ، و في هذه الأرض المعهودة ..

و لكنه يعرض مشهد الآخرة كأنه حاضر قريب ، و مشهد الدنيا كأنها ماض بعيد ..

فننسى أن ذلك مشهد سيكون يوم القيامة ، و نستشعر أنه أمامنا اللحظة ماثل ..

و أنه يتحدث عن الدنيا التي كانت كما يتحدث عن التاريخ البعيد .

و ذلك من عجائب التخييل .

======== 51 ========

و إن العكوف على هذا القرآن - في وعي و تدبر لا مجرد التلاوة و الترنم – لينشئ في القلب و العقل من الرؤية الواضحة البعيدة المدى ..

ومن المعرفة المطمئنة المستيقنة ..

و من الحرارة و الحيوية و الانطلاق ..

و من الإيجابية و العزم و التصميم ..

ما لا تدانيه رياضة أخرى أو معرفة أو تجريب .

و إن رؤية حقائق الوجود – من خلال التصور القرآني – و حقائق الحياة ، و رؤية الحياة البشرية و طبيعتها و حاجاتها من خلال التقريرات القرآنية ..

لهي رؤية باهرة واضحة دقيقة عميقة .

تهدي إلى معالجتها و إلى مزاولتها بروح أخرى غير ما توجه إليه سائر التصويرات و التقريرات البشرية .

ناصح أمين 01-19-2020 10:02 AM

======== 52 ========.

إن هذا القرآن يتعامل مع القلب البشري بلا وساطة ..

و لا يحول بينه و بينه شيء إلا الكفر الذي يحجبه عن القلب و يحجب القلب عنه ..

فإذا رفع هذا الحجاب بالإيمان وجد القلب حلاوة هذا القرآن و وجد في إيقاعاته المتكررة زيادة في الإيمان تبلغ إلى الاطمئنان .

و القلب المؤمن يجد في آيات هذا القرآن ما يزيده إيمانا و ما ينتهي به إلى الاطمئنان .

======== 53 ========

إن هذا القرآن دستور حياة شامل ، منسق بحيث يفي بمطالب هذه البشرية في حياتها الفردية و الجماعية ..

و يهديها إلى طريق الكمال في حياة الأرض بقدر ما تطيق ثم إلى الحياة الأخرى في نهاية المطاف .

و من يدرك القرآن على حقيقته لا يخطر له أن يطلب سواه أو يطلب تبديل بعض أجزائه .

ناصح أمين 01-21-2020 10:06 AM

======== 54 ========

و هذا القرآن يفصل كتاب الله و يبين وسائل الخير الذي جاء به ، و وسائل تحقيقه و صيانته .

فالعقيدة في الله واحدة ، و الدعوة إلى الخير واحدة .

و لكن صورة هذا الخير فيها تفصيل ، و التشريع الذي يحققه فيه تفصيل يناسب نمو البشرية وقتها و تطورات البشرية بعدها ، بعد أن بلغت سن الرشد فخوطبت بالقرآن خطاب الراشدين ، و لم تخاطب بالخوارق المادية التي لا سبيل فيها للعقل و التفكير .

======== 55 ========

إن هذا القرآن يخاطب الكينونة البشرية بجملتها ..

فلا يخاطب ذهنها المجرد مرة ..

و قلبها الشاعر مرة .. و حسها المتوفز مرة ..

و لكنه يخاطبها جملة ، و يخاطبها من أقصر طريق ، و يطرق كل أجهزة الاستقبال و التلقي فيها مرة واحدة كلما خاطبها .

و ينشئ فيها بهذا الخطاب تصورات و تأثرات و انطباعات لحقائق الوجود كلها .

لا تملك وسيلة أخرى من الوسائل التي زاولها البشر في تاريخهم كله أن تنشئها بهذا العمق ، و بهذا الشمول ، و بهذه الدقة و هذا الوضوح ، و بهذه الطريقة و هذا الأسلوب أيضا .

ناصح أمين 02-01-2020 10:10 AM

======== 56 ========

.فقد جاء القرآن بالتوحيد ، و سلك إلى تقرير هذه العقيدة و إيضاحها طرقا شتى ، و أساليب متنوعة ، و وسائل متعددة " ليذكروا "

فالتوحيد لا يحتاج إلى أكثر من التذكر و الرجوع إلى الفطرة و منطقها ..

و إلى الآيات الكونية و دلالتها .

======== 57 ========

إن معجزة الإسلام هي القرآن .

و هو كتاب يرسم منهجا كاملا للحياة .

و يخاطب الفكر و القلب ، و يلبي الفطرة القويمة .

و يبقى مفتوحا للأجيال المتتابعة تقرؤه و تؤمن به إلى يوم القيامة .

كتابا مفتوحا لجيل محمد – صلى الله عليه و سلم – فآمن به من لم يشهد الرسول – صلى الله عليه و سلم – و عصره و صحابته .

إنما قرأ القرآن أو صاحب من قرأه .

و سيبقى مفتوحا يهتدي به من هم في ضمير الغيب .

و قد يكون من هو أشد إيمانا و أصلح عملا ، و أنفع للإسلام من كثير من سبقوه .

ناصح أمين 02-05-2020 10:01 AM

======== 58 ========

و القرآن يوجه الإنسان إلى النظر فيما حوله من صنع الله ، و إلى ما حوله من خلق الله في السماوات و الأرض و هم يسبحون بحمده و تقواه ..

و يوجه بصره و قلبه خاصة إلى مشهد في كل يوم يراه ، فلا يثير انتباهه و لا يحرك قلبه لطول ما يراه .

======== 59 ========

و القرآن يجدد حسّنا الخامد ، و يوقظ حواسنا الملول .

و يلمس قلبنا البارد .

و يثير وجداننا الكليل .

لنرتاد هذا الكون دائما كما ارتدناه أول مرة .

نقف أمام كل ظاهرة نتأملها ، و نسألها عما وراءها من سر دفين و من سحر مكنون .

و نرقب يد الله تفعل فعلها في كل شيء من حولنا ، و نتدبر حكمته في صنعته ، و نعتبر بآياته المبثوثة في تضاعيف الوجود .

ناصح أمين 02-13-2020 09:49 AM

======== 60 ========

و الروح الأمين جبريل – عليه السلام – نزل بهذا القرآن من عند الله على قلب رسول الله – صلى الله عليه و سلم –

و هو أمين على ما نزل به ، حفيظ عليه ، نزل به على قلبه فتلقاه تلقيا مباشرا ، و وعاه وعيا مباشرا .

نزل به على قلبه ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين .

هو لسان قومه الذي يدعوهم به ، و يتلو عليهم القرآن .

و هم يعرفون مدى ما يملك البشر أن يقولوا ، و يدركون أن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، و إن كان بلغتهم ..

و أنه بنظمه ، و بمعانيه ، و بمنهجه ، و بتناسقه .

يشي بأنه آت من مصدر غير بشري بيقين .

======== 61 ========

و القرآن الكريم يتتبع مواضع شبهات المشركين حتى الساذج الطفولي منها .

فرسول الله – صلى الله عليه و سلم – عاش بينهم فترة طويلة من حياته لا يقرأ و لا يكتب ، ثم جاءهم بهذا الكتاب العجيب الذي يعجز القارئين الكاتبين .

و لربما كانت تكون لهم شبهة لو أنه كان من قبل قارئا كاتبا .

فما شبهتهم و هذا ماضيه بينهم ؟

فهذا القرآن يشهد بذاته على أنه ليس من صنع البشر ..

فهو أكبر جدا من طاقة البشر و معرفة البشر و آفاق البشر .

و الحق الذي فيه ذو طبيعة مطلقة كالحق الذي في هذا الكون .

و كل وقفة أمام نصوصه توحي للقلب بأن وراءه قوة ، و بأن في عباراته سلطانا لا يصدران عن بشر .

ناصح أمين 02-19-2020 09:50 AM

======== 62 ========

و كان القرآن الكريم يتنزل في إبان الابتلاء أو بعد انقضائه يصور الأحداث ، و يلقي الأضواء على منحنياته و زواياه ، فتنكشف المواقف و المشاعر ، و النوايا و الضمائر .

ثم يخاطب القلوب و هي مكشوفة في النور ، عارية من كل رداء و ستار .

و يلمس فيها مواضع التأثر و الاستجابة ، و يربيها يوما بعد يوم ، و حادثا بعد حادث ، و يرتب تأثراتها و استجاباتها وفق منهجه الذي يريد .

من ذلك كله ندرك كيف كان الله يربي هذه الأمة بالأحداث و القرآن في آن .

======== 63 ========

إن طبيعة هذا القرآن لتحتوي على قوة خارقة نافذة ، يحسها كل من له ذوق و بصر و إدراك للكلام ، و استعداد لإدراك ما يوجه إليه و يوحى به .

و لقد صنع هذا القرآن في النفوس التي تلقته و تكيفت به أكثر يرمن تسيير الجبال و تقطيع الأرض و إحياء الموتى .

لقد صنع في هذه النفوس و بهذه النفوس خوارق أضخم و أبعد آثارا في أقدار الحياة ، بل أبعد أثرا في شكل الأرض ذاته

فكم غير الإسلام و المسلمون من وجه الأرض ، إلى جانب ما غيروا من وجه التاريخ .

ناصح أمين 02-24-2020 09:28 AM

======== 64 ========

و هذا القرآن ينبغي أن يكون هو كتاب هذه الدعوة الذي يعتمد عليه الدعاة إلى الله قبل الاتجاه إلى أي مصدر سواه .

و الذي ينبغي لهم بعد ذلك أن يتعلموا منه كيف يدعون الناس ، و كيف يوقظون القلوب الغافية ، و كيف يحيون الأرواح الخامدة

إن الذي أوحى بهذا القرآن هو الله ، خالق هذا الإنسان ، العليم بطبيعة تكوينه ، الخبير بدروب نفسه و منحنياتها .

و على الدعاة أن يسلكوا إلى القلوب طريق القرآن في تعريف الناس بربهم الحق .

======== 65 =======

و لقد جاء هذا القرآن ليجلي الحقيقة كاملة عن طبيعة النبوة و طبيعة النبي ، و عن طبيعة الرسالة و طبيعة الرسول ..

و عن حقيقة الألوهية المتمثلة في الله وحده – سبحانه – و حقيقة العبودية التي تشمل كل ما خلق الله و كل من خلق و منهم أنبياء الله و رسله فهم عباد صالحون و ليسوا خلقا آخر غير البشر ، و ليس لهم من خصائص الألوهية شيء ..

و ليسوا على اتصال بعوالم الجن و الخفاء المسحور .

إنما هو الوحي من الله – سبحانه –

فهم بشر من البشر وقع عليهم الاختيار و بقيت لهم بشريتهم و عبوديتهم لله – سبحانه – كبقية خلق الله .

ناصح أمين 03-02-2020 09:53 AM

======== 66 ========

أنزل الله القرآن في ليلة مباركة للإنذار و التحذير .

فالله يعلم غفلة هذا الإنسان و نسيانه و حاجته إلى الإنذار و التنبيه .

و مضى ذلك الجيل و بقي بعده القرآن كتابا مفتوحا موصولا بالقلب البشري ، يصنع به حين يتفتح له ما لا يصنعه السحر ، و يحول مشاعره بصورة تحسب أحيانا في الأساطير .

و بقي هذا القرآن منهجا واضحا كاملا صالحا لإنشاء حياة إنسانية نموذجية في كل بيئة و في كل زمان .

حياة إنسانية تعيش في بيئتها و زمانها في نطاق ذلك المنهج الإلهي المتميز الطابع بكل خصائصه دون تحريف .

و هذه سمة المنهج الإلهي وحده .

و هي سمة كل ما يخرج من يد القدرة الإلهية .

======== 67 ========

و القرآن وحي الله – سبحانه و تعالى – جعله في صورته هذه اللفظية عربيا ، حين اختار العرب لحمل هذه الرسالة لما يعلمه من صلاحية هذه الأمة و هذا اللسان لحمل هذه الرسالة و نقلها

و الله أعلم حيث يجعل رسالته .

و هذا القرآن " عليّ " .. " حكيم "

و هما صفتان تخلعان عليه ظل الحياة العاقلة . و إنه لكذلك .. و كأنما فيه روح . روح ذات سمات و خصائص تتجاوب مع الأرواح التي تلامسها .

و هو في علوه و في حكمته يشرف على البشرية و يهديها و يقودها وفق طبيعته و خصائصه .

و ينشئ في مداركها و في حياتها تلك القيم و التصورات و الحقائق التي تنطبق عليها هاتان الصفتان : عليّ . حكيم .

ناصح أمين 03-07-2020 09:48 AM

======== 68 ========

و دلائل الحق واضحة في هذا القرآن . واضحة في صلبه .

فهو الترجمة الصحيحة لهذا الكون في حقيقته ..

أو هو الصفحة المقروءة و الكون هو الصفحة الصامتة .

و هو مصدق لما قبله من الكتب الصادرة من مصدره .

و الحق واحد لا يتعدد فيها و فيه .

ومنزله نزله للناس و هو على علم بهم ، و خبرة بما يصلح لهم و يصلحهم .

إن الله بعباده لخبير بصير .

هذا هو القرآن في ذاته . و قد أورته الله لهذه الأمة المسلمة ، اصطفاها لهذه الوراثة .

======== 69 ========

هذا القرآن المتناسق الذي لا اختلاف في طبيعته و لا في اتجاهاته ، و لا في روحه ، و لا في خصائصه .

فهو " متشابه " و " مثاني " تتكرر مقاطعه و قصصه و توجيهاته و مشاهده .

و لكنها لا تختلف و لا تتعارض ، إنما تعاد في مواضع متعددة وفق حكمة تتحقق في الإعادة و التكرار في تناسق و في استقرار على أصول ثابتة متشابهة .

لا تعارض فيها و لا اصطدام .

ناصح أمين 03-11-2020 09:15 AM

======== 70 ========

إن في هذا القرآن سرا خاصا يشعر به كل من يواجه نصوصه ابتداء ، قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز فيها .

إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا القرآن .

يشعر أن هناك شيئا ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير .

و أن هنالك عنصرا ما ينسكب في الحس بمجرد الاستماع لهذا القرآن .

يدركه بعض الناس واضحا و يدركه بعض الناس غامضا و لكنه على كل حال موجود .

هذا العنصر يصعب تحديد مصدره :

أهو العبارة ذاتها ؟ أهو المعنى الكامن فيها ؟ أهو الصور و الظلال التي تشعها ؟ أهو الإيقاع القرآني الخاص المتميز من إيقاع سائر القول المصوغ من اللغة ؟

أهي هذه العناصر كلها مجتمعة ؟ أم إنها هي و شيء آخر وراءها غير محدود ؟ .

======== 71 ========

و هذا هو القرآن حاضرا ، سهل التناول ، ميسر الإدراك ، فيه جاذبية ليقرأ و يتدبر .

فيه جاذبية الصدق و البساطة ، و موافقة الفطرة ، و استجاشة الطبع ..

لا تنفد عجائبه ، و لا يخلق على كثرة الرد .

و كلما تدبره القلب عاد منه بزاد جديد .

و كلما صحبته النفس زادت له ألفة و به أنسا .

ناصح أمين 03-17-2020 08:59 AM

======== 72 ========

و لقد سلك القرآن شتى السبل ، و اتبع شتى الأساليب ، ليواجه شكوك القلب البشري و انحرافاته و آفاته ..

و يأخذ عليها المسالك ، و يعالجها بكل أسلوب .

و في أساليب القرآن المتنوعة زاد للدعوة و الدعاة إلى هذا الدين ..

و مع اليقين الجازم بأن هذا القرآن من عند الله فقد استخدم أسلوب التشكيك لا أسلوب الجزم للغرض الذي أسلفنا .

و هو واحد من أساليب الإقناع في بعض الأحوال .

======== 73 ========

إن هذا القرآن يجعل من مألوفات البشر و حوادثهم المكرورة قضايا كونية كبرى ، يكشف فيها عن النواميس الإلهية في الوجود ..

و ينشئ بها عقيدة ضخمة شاملة و تصورا كاملا لهذا الوجود .

كما يجعل منها منهجا للنظر و التفكير ، وحياة للأرواح و القلوب و يقظة في المشاعر و الحواس .

يقظة لظواهر هذا الوجود التي تطالع الناس صباح مساء و هم غافلون عنها ..

و يقظة لأنفسهم و ما يجري من العجائب و الخوارق فيها .


الساعة الآن 05:08 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! ©, Soft
.