و الذين إذا فعلوا فاحشة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين =================================== ======== { و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم .. } آل عمران . يا لسماحة هذا الدين ! إن الله – سبحانه – لا يدعو الناس إلى السماحة بينهم حتى يطلعهم على جانب من سماحته – سبحانه و تعالى – معهم ليتذوقوا و يتعلموا و يقتبسوا . إن المتقين في أعلى مراتب المؤمنين .. و لكن سماحة هذا الدين و رحمته بالبشر تسلك في عداد المتقين " الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " .. و الفاحشة أبشع الذنوب و أكبرها . و لكن سماحة هذا الدين لا تطرد من يهوون إليها ، من رحمة الله ، و لا تجعلهم في ذيل القافلة .. قافلة المؤمنين .. إنما ترتفع بهم إلى أعلى مرتبة .. مرتبة المتقين .. على شرط واحد . شرط يكشف عن طبيعة هذا الدين و وجهته : أن يذكروا الله فيستغفروا لذنوبهم ، و ألا يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون أنه الخطيئة ، و ألا يتبجحوا بالمعصية في غير تحرج و لا حياء و بعبارة أخرى أن يكونوا في إطار العبودية لله ، و الاستسلام له في النهاية ، فيظلوا في كنف الله و في محيط عفوه و رحمته و فضله . ======== إن هذا الدين ليدرك ضعف هذا المخلوق البشري الذي تهبط به ثقلة الجسد أحيانا إلى درك الفاحشة ، وتهيج به فورة اللحم و الدم فينزوا نزوة الحيوان في حمى الشهوة ، فيخالف أمر الله في حمى الاندفاع . يدرك ضعفه هذا فلا يقسو عليه ، و لا يبادر إلى طرده من رحمة الله حين يظلم نفسه . حين يرتكب الفاحشة .. المعصية الكبيرة .. و حسبه أن شعلة الإيمان ما تزال في روحه لم تنطفئ ، و أن نداوة الإيمان ما تزال في قلبه لم تجف ، و أن صلته بربه ما تزال حية لم تذبل ، و أنه يعرف أنه عبد يخطئ و أن له ربا يغفر . ======== و إذن فما يزال هذا العبد الضعيف الخاطئ المذنب بخير .. إنه سائر في الدرب لم ينقطع به الطريق ، ممسك بالعروة لم ينقطع به الحبل .. فليعثر ما شاء له ضعفه أن يعثر . فهو واصل في النهاية ما دامت الشعلة معه ، و الحبل في يده ، ما دام يذكر الله و لا ينساه و يستغفره و يقر بالعبودية له و لا يتبجح بمعصيته . ======== إنه لا يغلق في وجه هذا المخلوق الضعيف باب التوبة ، و لا يلقيه منبوذا حائرا في التيه ، و لا يدعه مطرودا خائفا من المآب .. إنه يطمعه في المغفرة ، و يدله على الطريق ، و يأخذ بيده المرتعشة ، و يسند خطوته المتعثرة ، و ينير له الطريق ، ليفيء إلى الحمى الآمن ،و يثوب إلى الكنف الأمين . شيء واحد يتطلبه : ألا يجف قلبه ، و تظلم روحه ، فينسى الله ما دام في قلبه ذلك الندى البليل .. فسيطلع النور في روحه من جديد ، و سيؤوب إلى الحمى الأمن من جديد ، و ستنبت البذرة الهامدة من جديد . |
الساعة الآن 11:54 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.