نعمة : النوم ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . =================================== ======== { و جعلنا نومكم سباتا . و جعلنا الليل لباسا . و جعلنا النهار معاشا } النبأ . و كان من تدبير الله للبشر أن جعل النوم سباتا يدركهم فيقطعهم عن الإدراك و النشاط ، و يجعلهم في حالة لا هي موت و لا هي حياة .. تتكفل بإراحة أجسادهم و أعصابهم و تعويضها عن الجهد الذي بذلته في حالة الصحو و الإجهاد و الانشغال بأمور الحياة .. و كل هذا يتم بطريقة عجيبة لا يدرك الإنسان كنهها ، و لا نصيب لإرادته فيها ، و لا يمكن أن يعرف كيف تتم في كيانه .. و هي سر من أسرار تكوين الحي لا يعلمه إلا من خلق هذا الحي و أودعه ذلك السر ، وجعل حياته متوقفة عليه . فما من حي يطيق أن يظل من غير نوم إلا فترة محدودة . فإذا أجبر إجبارا بوسائل خارجة عن ذاته كي يظل مستيقظا فإنه يهلك قطعا . ======== و في النوم أسرار غير تلبية حاجة الجسد و الأعصاب .. إنه هدنة الروح من صراع الحياة العنيف . هدنة تلم بالفرد فيلقي سلاحه – طائعا أو غير طائع – و يستسلم لفترة من السلام الآمن ، السلام الذي يحتاجه الفرد حاجته إلى الطعام و الشراب . و يقع ما يشبه المعجزة في بعض الحالات حيث يلم النعاس بالأجفان و الروح مثقل ، و الأعصاب مكدودة ، و النفس منزعجة ، والقلب مروع . و كأنما هذا النعاس – و أحيانا لا يزيد على لحظات – انقلاب تام في كيان هذا الفرد . و تجديد كامل لا لقواه بل له هو ذاته ، و كأنما هو كائن حين يصحو جديد .. و لقد وقعت هذه المعجزة للمسلمين المجهودين في غزوة بدر و في غزوة أحد ، و امتن الله عليهم بها و هو يقول : { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه } { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم } ======== فهذا السبات : أي الانقطاع عن الإدراك و النشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الحي ، و سر من أسرار القدرة الخالقة ، و نعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه . و توجيه النظر إليها على هذا النحو القرآني ينبه القلب إلى خصائص ذاته ، و إلى اليد التي أودعتها كيانه ، و يلمسه لمسة تثير التأمل و التدبر و التأثر . |
الساعة الآن 12:41 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.