يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
=========================================== { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } الحاقة .
فالكل مكشوف . مكشوف الجسد . مكشوف النفس . مكشوف الضمير . مكشوف العمل . مكشوف المصير .
و تسقط جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار ، و تتعرى النفوس تعري الأجساد ، و تبرز الغيوب بروز الشهود ..
و يتجرد الإنسان من حيطته و من مكره و من تدبيره و من شعوره و يفتضح منه ما كان حريصاً على أن يستره حتى عن نفسه .
======== و ما أقسى الفضيحة على الملأ و ما أخزها على عيون الجموع .
أما عين الله فكل خافية مكشوفة لها في كل آن . و لكن لعل الإنسان لا يشعر بهذا حق الشعور و هو مخدوع بستور الأرض فها هو ذا يشعر به كاملاً و هو مجرد في يوم القيامة .
و كل شيء بارز في الكون كله . الأرض مدكوكة مسواة لا نحجب شيئا وراء نتوء و لا بروز ، و السماء متشققة واهية لا تحجب وراءها شيئاً ، و الأجسام معراة لا يسترها شيء و النفوس كذلك مكشوفة ليس من دونها ستر و ليس فيها سر .
======== ألا إنه لأمر عصيب . أعصب من دك الأرض و الجبال ، و أشد من تشقق السماء ..
وقوف الإنسان عريان الجسد ، عريان النفس ، عريان المشاعر عريان التاريخ ، عريان العمل ما ظهر منه و ما استتر أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله ، وتحت جلال الله و عرشه المرفوع فوق الجميع .
======== و إن الإنسان ليصنع أشد مما تصنعه القوقعة الرخوة الهلامية حين تتعرض لوخزة إبرة فتنطوي سريعاً و تنكمش داخل القوقعة و تغلق على نفسها تماماً .
إن الإنسان ليصنع أشد من هذا حين يحس أن عيناً تدسست عليه فكشفت منه شيئاً مما يخفيه ، و يشعر بقدر عنيف من الألم الواخز حين يطلع عليه أحد في خلوة من خلواته الشعورية .
======== فكيف بهذا المخلوق و هو عريان . عريان حقاً . عريان الجسد و القلب و الشعور و النية و الضمير ..
عريان من كل ساتر .. عريان .
كيف به و هو كذلك تحت عرش الجبار و أمام الحشد الزاخر بلا ستار ؟ .
ألا إنه لأمر .. أمرّ من كل أمر .
|