كتب على نفسه الرحمة ....
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين
===================================
======== { كتب على نفسه الرحمة } الأنعام .
إن الذي يستوقف النظر في هذا النص هو ذلك التفضل ..
تفضل الخالق المالك ذي السلطان القاهر فوق عباده ..
تفضله – سبحانه – بأن يجعل رحمته بعباده في هذه الصورة .. مكتوبة عليه .. كتبها هو على نفسه ، و جعلها عهدا منه لعباده بمحض إرادته و مطلق مشيئته ..
و هي حقيقة هائلة لا يثبت الكيان البشري لتمليها و تأملها و تذوق وقعها ، حين يقف لتدبرها في هذه الصورة العجيبة .
======== كذلك يستوقف النظر مرة أخرى ذلك التفضل الآخر الذي يتجلى في إخباره لعباده بما كتبه – سبحانه – على نفسه من رحمته .
فمن هم العباد حتى تبلغ العناية بهم أن يبلغوا ما جرت به إرادة الله في الملأ الأعلى ؟..
و أن يبلغوا بكلمات منه سبحانه يحملها إليهم رسوله ؟ ..
من هم ؟ إلا أنه الفضل العميم ، الفائض من خلق الله الكريم .
إن تدبر هذه الحقيقة على هذا النحو ليدع القلب في عجب و في دهش ، كما يدعه في أنس و في روح لا تبلغ الكلمات أن تصور جوانبه و حواشيه .
======== و رحمة الله تفيض على عباده جميعا ، و تسعهم جميعا .. و بها يقوم وجودهم و تقوم حياتهم .
و هي تتجلى في كل لحظة من لحظات الوجود أو لحظات الحياة للكائنات ..
_ إنها تتجلى ابتداء في وجود البشر ذاته .
في نشأتهم من حيث لا يعلمون .
و في إعطائهم هذا الوجود الإنساني الكريم بكل ما فيه من خصائص يتفضل بها الإنسان على كثير من العالمين .
_ و تتجلى في تسخير ما قدر الله أن يسخره للإنسان من قوى الكون و طاقاته .
و هذا هو الرزق في مضمونه الواسع الشامل الذي يتقلب الإنسان في بحبوحة منه في كل لحظة من لحظات حياته .
_ و تتجلى في تعليم الله للإنسان ، بإعطائه ابتداء الاستعداد للمعرفة ، و تقدير التوافق بين استعداداته هذه و إيحاءات الكون و معطياته .
_ و تتجلى في رعاية الله لهذا الخلق بعد استخلافه في الأرض ، بموالاة إرسال الرسل إليه بالهدى كلما نسي و ضل ، و أخذه بالحلم كلما لج في الضلال ، و لم يسمع صوت النذير .
و هو على الله هين .
و لكن رحمة الله وحدها هي التي تمهله ، و حلم الله وحده هو الذي يسعه .
_ و تتجلى في تجاوز الله – سبحانه – عن سيئاته إذا عمل السوء بجهالة ، و بكتابة الرحمة على نفسه ممثلة في المغفرة لمن أذنب ثم أناب .
_ و تتجلى في مجازاته عن السيئة بمثلها ، و مجازاته على الحسنة بعشر أمثالها .
و المضاعفة بعد ذلك لمن يشاء و محو السيئة بالحسنة .
و كله من فضل الله .
فلا يبلغ أحد أن يدخل الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته حتى رسول الله – صلى الله عليه و سلم – كما قال عن نفسه في معرفة كاملة بعجز البشر و فضل الله .
|