وظيفتك : عبادة الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين.
===================================
======== {و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون } الذاريات .
و إن هذا النص الصغير ليحتوي حقيقة ضخمة هائلة ، من أضخم الحقائق الكونية التي لا تستقيم حياة البشر في الأرض بدون إدراكها و استيقانها .
سواء كانت حياة فرد أم جماعة . أم حياة الإنسانية كلها في جميع أدوارها و أعصارها .
======== و إنه ليفتح جوانب و زوايا متعددة من المعاني و المرامي ، تندرج كلها تحت هذه الحقيقة الضخمة التي تعد حجر الأساس الذي تقوم عليه الحياة .
هناك غاية معينة لوجود الإنس و الجن .
تتمثل في وظيفة من قام بها و أداها فقد حقق غاية وجوده ، و من قصر فيها أو نكل عنها فقد أبطل غاية وجوده ، و أصبح بلا وظيفة ، و باتت حياته فارغة من القصد .
فقد انفلت من الناموس الذي خرج به إلى الوجود ، و انتهى إلى الضياع المطلق ، الذي يصيب كل كائن ينفلت من ناموس الوجود الذي يربطه و يحفظه و يكفل له البقاء .
======== هذه الوظيفة المعينة التي تربط الجن و الإنس بناموس الوجود هي : العبادة لله أو العبودية لله .
أن يكون هناك عبد و رب .
و أن تستقيم حياة العبد كلها على أساس هذا الاعتبار .
و من ثم يتجلى أن معنى العبادة التي هي غاية الوجود الإنساني أو التي هي وظيفة الإنسان الأولى أوسع و أشمل من مجرد الشعائر ..
و أن وظيفة الخلافة في الأرض داخلة في مدلول العبادة قطعا .
======== و أن حقيقة العبادة تتمثل إذن في أمرين رئيسيين :
الأول : هو استقرار معنى العبودية لله في النفس . أي استقرار الشعور على أن هناك عبدا و ربا .
و أن ليس وراء ذلك شيء ، و أن ليس هناك إلا هذا الوضع و هذا الاعتبار .
ليس في هذا الوجود إلا عابد و معبود ، و إلا رب واحد و الكل له عبيد .
و الثاني : هو التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير ، و كل حركة في الجوارح ، و كل حركة في الحياة .
التوجه بها إلى الله خالصة ، و التجرد من كل شعور آخر ، و من كل معنى غير معنى التعبد لله .
======== بهذا و ذلك يتحقق معنى العبادة ، و يصبح العمل كالشعائر ، و الشعائر كعمارة الأرض ، و عمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله ، و الجهاد كالصبر على الشدائد و بقدر الله ..
كلها عبادة .. و كلها تحقيق للوظيفة الأولى التي خلق الله الجن و الإنس لها .
عندئذ يعيش الإنسان في هذه الأرض شاعرا أنه هنا للقيام بوظيفة من قبل الله تعالى ، جاء لينهض بها فترة طاعة لله و عبادة له لا أرب له هو فيها ، و لا غاية له من وراءها ، إلا الطاعة ..
و جزاؤها الذي يجده في نفسه من طمأنينة و رضى عن وضعه و عمله ، و من أنس برضى الله عنه ، و رعايته له .
ثم يجده في الآخرة تكريما و نعيما و فضلا عظيما .
|