و أما من أوتي كتابه بشماله ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
======== { و أما من أوتي كتابه بشماله .. } الحاقة .
و عرف أنه مؤاخذ بسيئاته ، و أن إلى العذاب مصيره ، فيقف في هذا المعرض الحافل الحاشد ، وقفة المتحسر الكسير الكئيب { فيقول : يا ليتني لم أوت كتابية ، و لم أدر ما حسابية ، يا ليتها كانت القاضية ، ما أغنى عني مالية ، هلك عني سلطانية }
و هي وقفة طويلة ، وحسرة مديدة ، و نغمة يائسة ، و لهجة بائسة ..
و السياق يطيل عرض هذه الوقفة حتى ليخيل إلى السامع أنها لا تنتهي إلى نهاية ، و أن هذا التفجع و التحسر سيمضي بلا غاية
======== و هذا المشهد الحسير يطول و يطول في تنغيم و تفصيل ، و يتمنى ذلك البائس أن لو كانت هذه القارعة هي القاضية التي تنهي وجوده أصلاً فلا يعود بعدها شيئاً .
فلا المال أغنى أو نفع ، و لا السلطان بقي أو دفع .
======== { خذوه } .
كلمة تصدر من العلي الأعلى . فيتحرك الوجود كله على هذا المسكين الصغير الهزيل ، و يبتدره المكلفون بالأمر من كل جانب .
======== { فغلوه }
فيجعل الغل في عنقه .
======== { ثم الجحيم صلوه. ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه }.
و ذراع واحدة من سلاسل النار تكفيه .
======== فإذا انتهى الأمر نشرت أسبابه على الحشود . { إنه كان لا يؤمن بالله العظيم و لا يحض على طعام المسكين }
إنه قد خلا قلبه من الإيمان بالله .. فهو موات ، و هو خرب ، و هو بور ، وهو خلو من النور ، و هو مسخ من الكائنات لا يساوي الحيوان بل لا يساوي الجماد ، فهو مقطوع من الله . مقطوع من الوجود المؤمن بالله .
و خلا قلبه من الرحمة بالعباد . فلم يستشعر قلبه ما يدعو إلى الاحتفال بأمر المسكين . و لم يحض على طعامه و هي خطوة وراء إطعامه . توحي بأن هناك واجبا اجتماعياً يتحاض عليه المؤمنون . وهو وثيق الصلة بالإيمان .
{ فليس له اليوم هاهنا حميم و لا طعام إلا من غسلين . لا يأكله إلا الخاطئون }.
|