إن العقيدة لا تحتمل في القلب شريكا ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين
===================================
======== { .. قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم و إخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم وأموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها .. أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين } التوبة .
إن هذه العقيدة لا تحتمل لها في القلب شريكاً ، فإما تجرد لها ، وإما انسلاخ منها .
و ليس المطلوب أن ينقطع المسلم عن الأهل و العشيرة و الزوج و الولد و المال و العمل و المتاع و اللذة ، و لا أن يترهبن و يزهد في طيبات الحياة ..
كلا إنما تريد هذه العقيدة أن يخلص لها القلب ، ويخلص لها الحب و أن تكون هي المسيطرة و الحاكمة و هي المحركة و الدافعة .
فإذا تم لها هذا فلا حرج عندئذ أن يستمتع المسلم بكل طيبات الحياة على أن يكون مستعداً لنبذها كلها في اللحظة التي تتعارض مع مطالب العقيدة .
======== و مفرق الطريق هو أن تسيطر العقيدة أو يسيطر المتاع ..
و أن تكون الكلمة الأولى للعقيدة أو لعرض من أعراض هذه الأرض .
فإذا اطمأن المسلم إلى أن قلبه خالص لعقيدته فلا عليه بعد هذا أن يستمتع بالأبناء و الإخوة و بالزوج و العشيرة ..
و لا عليه أن يتخذ الأموال و المتاجر و المساكن ، و لا عليه أن يستمتع بزينة الله و الطيبات من الرزق – في غير سرف و لا مخيلة – بل إن المتاع بها حينئذ لمستحب باعتباره لونا من ألوان الشكر لله الذي أنعم بها ليتمتع بها عباده و هم يذكرون أنه الرازق المنعم الوهاب .
======== و هذا التجرد لا يطالب به الفرد وحده ، إنما تطالب به الجماعة المسلمة ، و الدولة المسلمة .
فما يكون هناك اعتبار لعلاقة أو مصلحة يرتفع على مقتضيات العقيدة في الله و مقتضيات الجهاد في سبيل الله .
و ما يكلف الله الفئة المؤمنة هذا التكليف إلا و هو يعلم أن فطرتها تطيقه – فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها – و إنه لمن رحمته بعباده أن أودع فطرتهم هذه الطاقة العالية من التجرد و الاحتمال ..
و أودع فيها الشعور بلذة علوية لذلك التجرد لا تعدلها لذائذ الأرض كلها ..
لذة الشعور بالاتصال بالله ، و لذة الرجاء في رضوان الله ، و لذة الاستعلاء على الضعف و الهبوط ، و الخلاص من ثقلة اللحم و الدم و الارتفاع إلى الأفق المشرق الوضيء .
|