عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2010, 04:01 AM   #1
عيون المهاا
| عضو مميـــز |


الصورة الرمزية عيون المهاا
عيون المهاا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 490
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 07-25-2011 (07:37 AM)
 المشاركات : 3,322 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
كيف مات هارون الرشيد...



في إحدى الليالي جلس هارون الرشيد حزيناً متكدر الخاطر ضائق الصدر مهموماً فدخل عليه وزيره أبن بختشعوع وحين وجدة على هذه الحال وقف ولم يحدثه لمدة طويلة ثم سأله بصوت رقيق :
ما بال سيدي عابساً مفكراً أطال الله عمره .
التفت هارون الرشيد إليه بحزن بدا في عينيه وقال :
إني متكدر الخاطر بسبب رؤيا رأيتها في منامي هذه الليلة أفزعتني وجعلتني كما ترى من الهم والانزعاج .
قال له أبن بختشعوع محاولاً التخفيف من همة :
يا سيدي إنما الرؤيا تكون لخاطر أو بسبب بخارات رديئة وتهاويل سوداء وهي أضغاث أحلام فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ولا تفكر بها .
قال هارون الرشيد وكأنه يريد أن يشاركه ابن بختشعوع حزنه وانزعاجه :
سأقصها عليك .. ثم اعتدل في جلسته متحفزاً كمن يريد أن يذيع سراً خطيراً وقال :
لقد رأيت فيما يرى النائم كأني جالس على سرير وفجأة امتدت أمام وجهي ذراع أعرفها معرفة جيدة وامتدت كف أعرفه جيداً ولكني لا أتذكر صاحبها حيث أن هذه الذراع وتلك الكف مألوفتان عندي .
قالا أبن بختشعوع بعد أن أستهوته هذه القصة : ثم ماذا يا سيدي ؟
قال هارون الرشيد : امتدت تلك الكف أمامي وكان فيها تربةً حمراء وفجأة سمعت صوتاً جهورياً دون أن أرى وجه صاحبه يقول : وهذه التربة التي ستدفن فيها فقلت له : وأين هذه التربة .. قال لي : إنها في مدينة طوس ثم غابت تلك الكف وأنقطع الكلام واستيقظت من نومي مفزوعاً من هذا الحلم قال ابن بختشعوع : إنها أضغاث أحلام بسبب إجهادك لنفسك ثم نصحه باللهو والانبساط .
مرت الأيام ونسيت هذه القصة ثم جاءت حرب خراسان والتي شعر هارون الرشيد بعدها بمرض الموت فاضطر للدخول إلى مدينة طوس الاستراحة في بستان يخصه وفي أثناء استراحته في ذلك البستان تذكر ذلك الحلم فجأة فقفز من مكانة مرعوباً وكأن لا علة به ولا مرض فاجتمع صحبة حوله محاولين تهدئته وسؤاله عما يزعجه فألتفت إلى ابن يختشعوع قائلاً :
أتذكر تلك الرؤيا التي حدثتك عنها منذ زمن ؟
قال : نعم يا سيدي .
عندما سكت هارون الرشيد لبرهة ثم نظر إلى مسرور قائلاً له :
يا مسرور جئني بقليل من تربة هذا البستان . فذهب مسرور وأحضر حفنه بيده من تلك التربة ومد كفه أمام وجه هارون الرشيد . فلما نظر هارون الرشيد إليه قال بصوت يتهدج : والله ثم والله إنها لتلك الذراع التي رأيتها في منامي وهذه هي الكف بعينها وهذه هي التربة الحمراء ثم أقبل على البكاء والنحيب وظل على هذه الحال لمدة ثلاثة أيام توفي بعدها وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنه وعمرة سبعاً وأربعين سنة وقد كان جميلاً وسيماً أبيض البشرة رحمة الله .


 


رد مع اقتباس