ذلك الكتاب لا ريب فيه ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
======== { ألم . ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين } البقرة .
======== " ألم"
" ألف . لام . ميم "
و مثل هذه الأحرف يجيء في مقدمة بعض السور القرآنية . و قد وردت في تفسيرها وجوه كثيرة .
إنها إشارة للتنبيه إلى أن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الأحرف ، و هي في متناول المخاطبين به من العرب و لكنه مع هذا هو ذلك الكتاب المعجز ، الذي لا يملكون أن يصوغوا من تلك الحروف مثله .
الكتاب الذي يتحداهم مرة و مرة و مرة أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور مثله ، أو بسورة من مثله فلا يملكون لهذا التحدي جواباً .
و هكذا القرآن .. حروف و كلمات يصوغ منها البشر كلاماً و أوزاناً و يجعل منها الله قرآناً و فرقاناً ، و الفرق بين صنع البشر و صنع الله من هذه الحروف و الكلمات هو الفرق ما بين الجسد الخامد و الروح النابض .. هو الفرق ما بين صورة الحياة و حقيقة الحياة .
======== " ذلك الكتاب لا ريب فيه "
و من أين يكون ريب أو شك ، و دلالة الصدق و اليقين كامنة فيه ، ظاهرة في عجزهم عن صياغة مثله ، من مثل هذه الأحرف المتداولة بينهم ، المعروفة لهم من لغتهم ؟.
======== " هدى للمتقين "
الهدى حقيقته ، والهدى طبيعته ، و الهدى كيانه ، و الهدى ماهيته ..
و لكن لمن ؟ لمن يكون ذلك الكتاب هدى و نور و دليلا ناصحا مبيناً ؟ ... للمتقين .
فالتقوى في القلب :
-- هي التي تأهله للانتفاع بهذا الكتاب .. -- هي التي تفتح مغاليق القلب له فيدخل و يؤدي دوره هناك .. -- هي التي تهيئ لهذا القلب أن يلتقط و أن يتلقى و أن يستجيب
======== لا بد لمن يريد أن يجد الهدى في القرآن :
_ أن يجيء إليه بقلب سليم . بقلب خالص ... _ أن يجيء إليه بقلب يخشى و يتوقى ... _ و يحذر أن يكون على ضلالة أو أن تستهويه ضلالة ...
و عندئذ يتفتح القرآن عن أسراره و أنواره ، و يسكبها في هذا القلب الذي جاء إليه متقياً ، خائفاً ، حساساً ، مهيأ للتلقي .
======== ورد أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – سأل أبي بن كعب عن التقوى
فقال له : أما سلكت طريقاً ذا شوك ؟ قال بلى قال : فما عملت ؟ قال : شمرت واجتهدت . قال : فذلك التقوى .
======== التقوى :
--- حساسية في الضمير ، وشفافية في الشعور ، وخشية مستمرة و حذر دائم . --- و توق لأشواك الطريق .. طريق الحياة .. الذي تتجاذبه أشواك الرغائب و الشهوات ... .............. وأشواك المطامع و المطامح ... .............. و أشواك المخاوف و الهواجس ... .............. و أشواك الرجاء الكاذب فيمن لا يملك إجابة رجاء .............. و الخوف الكاذب ممن لا يملك نفعاً و لا ضراً...
======== و الإنسان يجب أن يشعر أنه ليس لقى مهملا ، و أنه لم يخلق عبثاً ، و لن يترك سدى ، و أن العدالة المطلقة في انتظاره ليطمئن قلبه و تستقلا بلابله و يفيء إلى العمل الصالح و إلى عدل الله و رحمته في نهاية المطاف .
|