و الناظر في هذه العقيدة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
=========================================== و الناظر في هذه العقيدة كالناظر في سيرة رسولها – صلى الله عليه و سلم – يجد العنصر الأخلاقي بارزاً أصيلاً فيها ، تقوم عليه أصولها التشريعية و أصولها التهذيبية على السواء .
الدعوة الكبرى في هذه العقيدة إلى الطهارة و النظافة و الأمانة و الصدق و العدل و الرحمة و البر و حفظ العهد ، و مطابقة القول للفعل ، و مطابقتهما معاً للنية و الضمير ، و النهي عن الجور و الظلم و الخداع و الغش و أكل أموال الناس بالباطل ، و الاعتداء على الحرمات و الأعراض ، و إشاعة الفاحشة بأية صورة من الصور .
و التشريعات في هذه العقيدة لحماية هذه الأسس و صيانة العنصر الأخلاقي في الشعور و السلوك ، و في أعماق الضمير و في واقع المجتمع و في العلاقات الفردية و الجماعية و الدولية على السواء .
======== و الرسول الكريم – صلى الله عليه و سلم – يقول " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ".
فيلخص رسالته في هذا الهدف النبيل و تتوارد أحاديثه تترى في الحض على كل خلق كريم ، و تقوم سيرته الشخصية مثالاً حياً و صفحة نقية و صورة رفيعة ، تستحق من الله أن يقول عنها في كتابه الخالد : " و إنك لعلى خلق عظيم "
======== و هذا الاعتبار هو الاعتبار الفذ في أخلاقية الإسلام . فهى أخلاقية لم تنبع من البيئة و لا من اعتبارات أرضية ، و لا تعتمد على اعتبار من اعتبارات العرف أو المصلحة أو الارتباطات التي كانت قائمة في الجيل .
إنما تستمد من السماء و تعتمد على السماء . تستمد من هتاف السماء للأرض لكي تتطلع إلى الأفق .
و تستمد من صفات الله المطلقة ليحققها البشر في حدود الطاقة كي يحققوا إنسانيتهم العليا ، وكي يصبحوا أهلاً لتكريم الله لهم و استخلافهم في الأرض ، و كي يتأهلوا للحياة الرفيعة الأخرى .. " في مقعد صدق عند مليك مقتدر "
======== و من ثم فهي غير مقيدة و لا محدودة بحدود من أي اعتبارات قائمة في الأرض ،إنما هي طليقة ترتفع إلى أقصى ما يطيقه البشر ، لأنها تتطلع إلى تحقيق صفات الله الطليقة من كل حد و من كل قيد .
ثم إنها ليست فضائل مفردة : صدق . و أمانة . و عدل . و رحمة إنما هي منهج متكامل ، تتعاون فيه التربية التهذيبية مع الشرائع التنظيمية ، و تقوم عليه فكرة الحياة كلها و اتجاهاتها جميعاً ، و تنتهي في خاتمة المطاف إلى الله .
لا إلى أي اعتبار آخر من اعتبارات هذه الحياة .
وقد تمثلت هذه الأخلاقية الإسلامية بكمالها و جمالها و توازنها و استقامتها و ثباتها في محمد – صلى الله عليه و سلم – و تمثلت في ثناء الله العظيم و قوله " و إنك لعلى خلق عظيم "
|