عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2009, 08:11 PM   #3
$$ قلبي مملكة $$


الصورة الرمزية $$ قلبي مملكة $$
$$ قلبي مملكة $$ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 188
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 07-18-2013 (04:52 AM)
 المشاركات : 4,288 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



[‏13‏]‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ‏}‏

أي‏:‏ إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس‏,‏ أي‏:‏ كإيمان الصحابة رضي الله عنهم، وهو الإيمان بالقلب واللسان‏,‏ قالوا بزعمهم الباطل‏:‏ أنؤمن كما آمن السفهاء‏؟‏ يعنون ـ قبحهم الله ـ الصحابة رضي الله عنهم‏,‏ بزعمهم أن سفههم أوجب لهم الإيمان‏,‏ وترك الأوطان‏,‏ ومعاداة الكفار، والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك‏,‏ فنسبوهم إلى السفه‏;‏ وفي ضمنه أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهى‏.‏

فرد الله ذلك عليهم‏,‏ وأخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة‏,‏ لأن حقيقة السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه‏,‏ وسعيه فيما يضرها‏,‏ وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم، كما أن العقل والحجا‏,‏ معرفة الإنسان بمصالح نفسه‏,‏ والسعي فيما ينفعه‏,‏ و‏[‏في‏]‏ دفع ما يضره، وهذه الصفة منطبقة على ‏[‏الصحابة و‏]‏المؤمنين وصادقة عليهم، فالعبرة بالأوصاف والبرهان‏,‏ لا بالدعاوى المجردة‏,‏ والأقوال الفارغة‏.‏

ثم قال تعالى‏:‏ ‏[‏14 ـ 15‏]‏ ‏{‏وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏
هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و‏[‏ذلك‏]‏ أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين‏,‏ أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم‏,‏ فإذا خلوا إلى شياطينهم ـ أي‏:‏ رؤسائهم وكبرائهم في الشر ـ قالوا‏:‏ إنا معكم في الحقيقة‏,‏ وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم‏,‏ أنا على طريقتهم، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة‏,‏ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏ وهذا جزاء لهم‏,‏ على استهزائهم بعباده، فمن استهزائه بهم أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثة‏,‏ حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين‏,‏ لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم، ومن استهزائه بهم يوم القيامة‏,‏ أنه يعطيهم مع المؤمنين نورا ظاهرا‏,‏ فإذا مشي المؤمنون بنورهم‏,‏ طفئ نور المنافقين‏,‏ وبقوا في الظلمة بعد النور متحيرين‏,‏ فما أعظم اليأس بعد الطمع، ‏{‏يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ‏}‏ الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏وَيَمُدُّهُمْ‏}‏ أي‏:‏ يزيدهم ‏{‏فِي طُغْيَانِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ فجورهم وكفرهم، ‏{‏يَعْمَهُونَ‏}‏ أي‏:‏ حائرون مترددون‏,‏ وهذا من استهزائه تعالى بهم‏.‏

ثم قال تعالى كاشفا عن حقيقة أحوالهم‏:‏

‏[‏16‏]‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ‏}‏

أولئك‏,‏ أي‏:‏ المنافقون الموصوفون بتلك الصفات ‏{‏الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى‏}‏ أي‏:‏ رغبوا في الضلالة‏,‏ رغبة المشتري بالسلعة‏,‏ التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة‏.‏ وهذا من أحسن الأمثلة‏,‏ فإنه جعل الضلالة‏,‏ التي هي غاية الشر‏,‏ كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا الهدى رغبة عنه بالضلالة رغبة فيها، فهذه تجارتهم‏,‏ فبئس التجارة‏,‏ وبئس الصفقة صفقتهم وإذا كان من بذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا‏,‏ فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما‏؟‏ فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة‏,‏ واختار الشقاء على السعادة‏,‏ ورغب في سافل الأمور عن عاليها ‏؟‏ فما ربحت تجارته‏,‏ بل خسر فيها أعظم خسارة‏.‏ ‏{‏قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ‏}‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ‏}‏ تحقيق لضلالهم‏,‏ وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء‏,‏ فهذه أوصافهم القبيحة‏.‏


 


رد مع اقتباس