عرض مشاركة واحدة
قديم 07-22-2016, 10:26 AM   #31
وجودي له مكانه
.


الصورة الرمزية وجودي له مكانه
وجودي له مكانه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 364
 تاريخ التسجيل :  Dec 2009
 أخر زيارة : 04-16-2019 (10:00 PM)
 المشاركات : 2,584 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



في إحدى أمسيات شهر ديسمبر عام 1955م جمعت (روزا باركس)
ذات البشرة السمراء - والتي تعمل خياطة - حاجاتها, وتجهزت
للعودة إلى بيتها بعد يوم من العمل الشاق المضني, مشت
روزا في الشارع تحتضن حقيبتها, مستمدة منها
بعض الدفء اللذيذ .


التفتت يمنة ويسرة, ثم عبرت الطريق, ووقفت تنتظر الحافلة, كي
تقلها إلى وجهتها, وأثناء وقوفها الذي استمر لدقائق عشر كانت
(روزا) تشاهد في إلم منظر مألوف في أمريكا آنذاك, وهو قيام
الرجل الأسود من كرسية, ليجلس مكانه رجل أبيض !

لم يكن هذا السلوك وقتها نابعاً من روح أخوية, أو لمسة حضارية,
بل لأن القانون الأمريكي آنذاك كان يمنع منعاً باتاً جلوس الرجل
الأسود, وسيده الأبيض واقف .

حتى وإن كانت الجالسة امرأة سوداء عجوز, وكان الواقف شاب
أبيض في عنفوان شبابه, فتلك مخالفة تُغرم عليها المرأة العجوز .!!

وكان مشهوراً وقتها أن تجد لوحة معلقة على باب أحد المحلات
التجارية أو المطاعم مكتوبا عليها:
( ممنوع دخول القطط والكلاب والرجل الأسود ) !!

كل تلك الممارسات العنصرية كانت تصيب (روزا) بحالة من الحزن
والألم .. والغضب.

فإلى متى يعاملون على أنهم هم الدون, والأقل مكانة ..

لماذا يُحقرون ويُزدرون, ويكونون دائماً في آخر الصفوف, ويصنفون
سواء بسواء مع الحيونات.

وعندما وقفت الحافلة استقلتها (روزا) وقد أرمت في صدرها أمراً.
قلبت بصرها يمنة ويسرة, فما أنوجدت مقعداً خالياً إلا وارتمت عليه,
وقد ضمت حقيبتها إلى صدرها, وجلست تراقب الطريق الذي
تأكله الحافلة في هدوء.

إلى أن جاءت المحطة التالية, وصعد الركاب, وإذ بالحافلة ممتلئة,
وبهدوء اتجه رجل أبيض إى حيث تجلس (روزا) منتظراً أن تفسح له
المجال, لكنها ويا للعجب نظرت له في لا مبالاة, وعادت لتطالع
الطريق مرة أخرى .!!!

ثارت ثائرة الرجل الأبيض, وأخذ الركاب البيض في سب (روزا) والتوعد
لها إن لم تقم من فورها, وتجلس الرجل الأبيض الواقف.

لكنها أبت وأصرت على موفقها, فما كان من سائق الحافلة أمام
هذا الخرق الواضح للقانون إلا أن يتجه مباشرة إلى الشرطة كي
تحقق مع تلك المرأة السوداء التي أزعجت السادة البيض !!

وبالفعل تم التحقيق معها, وتغريمها 15 دولار, نظير تعديها على
حقوق الغير !!

وهناك انطلقت الشرارة في سماء أمريكا, وثارت ثائرة السود بجميع
الولايات, وقرروا مقاطعة وسائل المواصلات, والمطالبة بحقوقهم
كبشر لهم حق الحياة, والمعاملة الكريمة.

استمرت حالة الغليان مدة كبيرة, امتدت ل 381 يوماً, وأصابت
أمريكا بصداع مزمن.

وفي النهاية خرجت المحكمة بحكمها الذي نصر (روزا باركس) في
محنتها, وتم إلغاء ذلك العُرف الجائر, وكثير من الأعراف
والقوانين العنصرية.

في 27 أكتوبر من عام 2001م , بعد مرور 46 سنة على هذا الحادث,
تم إحياء ذكرى الحادثة في التاريخ الأمريكي, حيث أعلن السيد
(ستيف هامب) مدير متحف هنري فورد في مدينة (ديربورن) في
(ميتشيغين) عن شراء الحافلة القديمة من موديل الاربعينات التي
وقعت فيها حادثة السيدة (روزا باركس) التي قدحت الزناد الذي دفع
حركة الحقوق المدنية في أمريكا للاستيقاظ بحيث تعدل وضع السود,

وقد تم شراء الحافلة بمبلغ 492 ألف دولار أمريكي. وبعد أن بلغت
(روزا باركس) الثمانين من العمر, تذكر في كتاب صدر لها لاحقاً
بعنوان (القوة الهادئة) عام 1994م بعضاً مما اعتمل في
مشاعرها
آنذاك, فتقول:
(( في ذلك اليوم تذكرت أجدادي وآبائي, والتجأت إلى الله
فأعطاني القوة التي يمنحها للمستضعفين ))

وفي 23 أكتوبر عام 2005 م أحتشد الآلاف من المشيعين الذين
تجمعوا للمشاركة في جنازة (روزا باركس) رائدة الحقوق المدينة
الأمريكية التي توفيت عن عمر يناهز 92 عاماً.

يوم بكى فيه الالاف. وحضرة رؤساء دول, ونكس فيه علم أمريكا, وتم
تكريمها بأن رقد جثمانها بأحد مباني الكونجرس منذ وفاتها حتى
دفنها، وهو إجراء تكريمي لا يحظى به سوى الرؤساء
والوجوه البارزة.

ماتت وعلى صدرها أعلى الأوسمة, فقد حصلت على الوسام
الرئاسي للحرية عام 1996م, والوسام الذهبي للكونجرس عام
1999م, وهو أعلى تكريم مدني في البلاد, وفوق هذا وسام الحرية
الذي أهدته لكل بني جنسها عبر كلمة: ( لا ) ...
أشهر ( لا ) في تاريخ أمريكا.


 


رد مع اقتباس