خلق الله آدم واسكنه الجنة موطنه الأصلي و مع ذلك شعر بالوحشة واحتاج إلى الأنس وخرج من الجنة و نزل إلى الأرض ولم يكن شغله الشاغل العودة إلى الجنة فقد قضى الله أمرا كان مفعولا
و إنما كان شغله الشاغل البحث عن حواء في أي مكان من الأرض
فالراحة التي ينشدها ليست مرتبطة بالأرض التي ولد فيها أو نزل بها و إنما كل بقاع الأرض وطنه إذا وجد فيها من يشاركه حياته و يأنس به لتكون له أسرة و مجتمع يحيطه به فقد اعتاد الإنسان الرحيل، وامتهن التنقل من أجل لقمة العيش حين تصعب الحياة وتتغير الظروف .. كان يوجعه صندوق الذكريات الذي يفارقه ولكن ما كان يوجعه أكثر هو ألّا يجد موطنًا له يعود إليه أو جماعة تقبله وتحبه وتحيط به وتهتم له و تقاتل معه ومن أجله وبرفقته و تسعفه إذا جرح وتعالجه إذا مرض وتضحك معه و ترقص معه حول نار متقدة في الأرض و متقدة في القلب بالحب


استرجعت مشهدًا حقيقًيا مسجلا في اليوتيوب لشاب قرر أن يسجل تجربة حول إسعاد المتشردين في شوارع نيويورك وأخذ يوزع النقود على الناس وكان الناس يشعرون بفرحة غامرة حال حصولهم على تلك الأموال والتي لم تكن في حساباتهم التي نقشوها على قارعة الطريق التي افترشوها منازل لهم
آخر متشرد حصل على النقود كانت له ردة الفعل الأقوى فبعد أن شكر الشاب على لطفه طلب منه أن ينتظر قليلا لم يكن لأحد أن يستوعب طلبًا غريبًا كهذا انتظر الشاب وقد جلس على قطعة الكارتون التي ينام عليها المتشرد
عاد المتشرد وقد احضر وجبتين واحدة له وواحدة للشاب وقال له: هل من الممكن أن نأكل سويًا؟ أرجوك دعنا نأكل سويًا فأنا منذ فترة طويلة لم اتحدث مع أحد ولم آكل برفقة أحد الكل يتجاهلني الكل لا يشعر بوجودي. ثم أجهش بالبكاء
هذا المشهد عميق فهذا المتشرد لا يعلم إن كان سيحصل على مبلغ مشابه في الغد أم لا لم يكن للمال قيمة بالنسبة له بل ضحى بالمال من أجل رفقة تبدد الوحدة التي اجتاحت كيانه رفقة تشعره أنه موجود أنه مقبول من الناس رفقة تزيل جدار الصمت الذي يقط على صدره

سؤالي لكل عضو و عضوة

إذا أضطررت للعيش وحيدا ( و إن شاء الله أنكم ما تضطرون )
لكن على سبيل الافتراض
فكيف ستكون حياتك و كيف تعيش عزلتك ؟!!