و لا يسأل حميم حميماً ....
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
===================================
======== { و لا يسأل حميم حميماً . يبصرنهم . يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه و صاحبته و أخيه و فصيلته التي تؤويه و من في الأرض جميعاً ثم ينجيه } المعارج
إن الناس في هم شاغل ، لا يدع لأحد منهم أن يتلفت خارج نفسه ، و لا يجد فسحة في شعوره لغيره .. " و لا يسأل حميم حميماً "
فلقد قطع الهول المروّع جميع الوشائج ، و حبس النفوس على همها لا تتعداه ..
و إنهم ليعرضون بعضهم على بعض " يبصّرنهم " كأنما عمداً و قصداً و لكن لكل منهم همه ، و لكل ضمير منهم شغله ..
فلا يهجس في خاطر صديق أن يسأل صديقه عن حاله ، و لا أن يسأله عونه . فلكرب يلف الجميع و الهول يغشى الجميع .
======== فما بال " المجرم " ؟
إن الهول ليأخذ بحسه ، و إن الرعب ليذهب بنفسه ، و إنه ليود لو يفتدي من عذاب يومئذ بأعز الناس عليه ، ممن كان يفتديهم بنفسه في الحياة ، و يناضل عنهم ، و يعيش لهم ، .. ببنيه . و زوجه . و أخيه ، و عشيرته القريبة التي تؤويه و تحميه .
بل إن لهفته على النجاة لتفقده الشعور بغيره على الإطلاق . فيود لو يفتدي بمن في الأرض جميعاً ثم ينجيه ..
و هي صورة للهفة الطاغية و الفزع المذهل و الرغبة الجامحة في الإفلات .. صورة مبطنة بالهول ، مغمورة بالكرب ، موشاة بالفزع ، ترتسم من خلال التعبير القرآني الموحي .
======== و بينما المجرم في هذه الحال يتمنى ذلك المحال يسمع ما ييئس و يقنط من كل بارقة من أمل ، كما يسمع الملأ جميعاً حقيقة الموقف و ما يجري فيه :
{ كلا ! إنها لظى . نزاعة للشوى . تدعو من أدبر و تولى و جمع فأوعى } .
إنه مشهد تطير له النفس شعاعاً بعد ما أذهلها كرب الموقف و هوله " كلا " في ردع عن تلك الأماني المستحيلة في الافتداء بالبنين و الزوج و الأخ و العشيرة و من في الأرض جميعا .. "كلا إنها لظى " نار تتلظى و تتحرق " نزاعة للشوى " تنزع الجلود عن الوجوه و الرؤوس نزعاً .. و هي غول مفزعة ذات نفس حية تشارك في الهول و العذاب عن إرادة و قصد .
" تدعو من أدبر و تولى و جمع فأوعى " تدعوه كما كان يدعى من قبل إل الهدى فيدبر و يتولى . و لكنه اليوم إذ تدعوه جهنم لا يملك أن يدبر و يتولى .
و لقد كان من قبل مشغولاً عن الدعوة بجمع المال و حفظه في الأوعية . فأما اليوم فالدعوة من جهنم لا يملك أن يلهو عنها و لا يملك أن يفتدي بما في الأرض كله منها .
|