من غريب ما قيل عن حيل جميل للقاء بثينة متخفياً هذا الخبر :
فقد جاء ليلة إليها وقد أخذ ثياب راعٍ لبعض الحي ، فوجد عندها ضيفاناً
لها ، فانتبذ ناحية فسألته : من أنت ؟ فقال : مسكين . فجلس وحده فعشت
ضيفانها وعشته وحده . ثم جلست هي وجارية لها واضطجع القوم منتحين
. فقال جميل :
هَلِ البائِسُ المَقرورُ دانٍ فَمُصطَلٍ ..... مِنَ النارِ أَو مُعطىً لِحافاً فَلابِسُ
فقالت لجاريتها : صوت جميل والله ! اذهبي فانظري !
فرجعت إليها فقالت : هو والله جميل !
فشهقت شهقة سمعها القوم فأقبلوا يجرون وقالوا : مالك ؟ فطرحت برداً لها في النار وقالت : احترق بردي .
فرجع القوم . وأرسلت جاريتها إلى جميل ، فجاءتها به فجلسا يتحدثان ..
واضح أثر التصنع في تفاصيل هذا الخبر مما يضعف مصداقيته .. فهو يأتي متخفياً بلباس راع وتسأله ويجيب ولا تعرفه وهو إنما جاء ليلقاها ، فلم التخفي منها .. وتباشر هي إطعام الضيوف وكأنها ليس لها أقارب .. وكيف أسمعها صوته وهو ينشد بيتاً واحداً من الشعر فتعرف صوته ، بينما لم تعرفه وهي تسأله من هو حين قال لها : مسكين رغم قربها منه .. ؟!! وما مدى قوة صوت الشهقة التي أطلقتها حتى يسمعها القوم فيهرعون إليها ليسألوا ما بها..
هكذا يتلاعب الرواة بعواطف الناس ، وما أكثر المصدقين لهذه الخرافات.
|