فلا بد إذن من ميزان ثابت ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم -
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .=================================
======== إنه لا جدوى من ضياع الجهد .
جهد الخيرين الصالحين من الناس في مقومات المنكرات الجزئية الناشئة بطبيعتها من المنكر الأول : منكر الجرأة على الله برفض ألوهيته برفض شريعته في الحياة .
إن الجهد الأصيل ، و التضحيات النبيلة يجب أن تتجه أولا إلى إقامة المجتمع الخير ..
و المجتمع الخير هو الذي يقوم على منهج الله ، قبل أن ينصرف الجهد و البذل و التضحية إلى إصلاحات جزئية ، شخصية و فردية عن طريق الأمر بالمعروف و نهي عن المنكر .
إنه لا جدوى من المحاولات الجزئية حين يفسد المجتمع كله ، و حين تطغى الجاهلية ، و حين يتخذ له شريعة غير شريعة الله .
======== فينبغي عندئذ أن تبدأ المحاولة من الأساس ، و أن تنبت من الجذور ، و أن يكون الجهد و الجهاد لتقرير سلطان الله في الأرض ، و حين يستقر هذا السلطان يصبح الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر شيئا يرتكن إلى أساس .
فماذا إذا كان المجتمع لا يعترف – ابتداء – بسلطان الله ؟ ماذا إذا كان لا يتحاكم إلى شريعة الله ؟ بل ماذا إذا كان يسخر و يهزأ من و يستنكر و ينكل بمن يدعوه إلى منهج الله ؟ .
ألا يكون جهدا ضائعا ، و عبتا هازلا ، أن تقوم في مثل هذا المجتمع لتأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر في جزئيات و جانبيات من شؤون الحياة ، تختلف عليها الموازين و القيم ، و تتعارض فيها الآراء و الأهواء .
======== فلا بد إذن من ميزان ثابت نرجع إليه بالأعمال ، و لا بد من قيم معترف بها نقيس إليها المعروف و المنكر .
فمن أين نأتي بهذا الميزان ؟
من تقديرات الناس و عرفهم و أهوائهم و شهواتهم ؟ – و هي متقلبة لا تثيت على حال – إننا إذن ننتهي إلى متاهة و ضياع . فلا بد ابتداء من إقامة الميزان ، و لا بد أن يكون هذا الميزان ثابتا لا يتأرجح مع الأهواء .
======== عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطيع فبلسانه ، فإن لم يستطيع فبقلبه .. و ذلك أضعف الأيمان "
فبقلبه .. و ليس هذا موقفا سلبيا من المنكر.
فإنكار المنكر بالقلب معناه احتفاظ هذا القلب بإيجابيته تجاه هذا المنكر ..
و هذا ما لا يملك أحد أن يحول بينهم و بينه ، إن هم كانوا حقا على الإسلام .
|