فكيف كان نكير ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
===================================
======== { و لقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير } الملك .
و النكير الإنكار و ما يتبعه من الآثار .
و لقد أنكر الله سبحانه ممن كذبوا قبلهم أن يكذبوا و هو يسألهم " فكيف كان نكير ؟ " وهم يعملون كيف كان ، فقد كانت آثار الدمار و الخراب تصف لهم كيف كان هذا النكير وكيف كان ما أعقبه من تدمير .
======== و الأمان الذي ينكره الله على الناس هو الأمان الذي يوحي بالغفلة عن الله و قدرته و قدره و ليس هو الاطمئنان إلى الله و رعايته و رحمته . فهذا غير ذاك .
فالمؤمن يطمئن إلى ربه و يرجو رحمته و فضله و لكن هذا لا يقوده إلى الغفلة و النسيان و الانغمار في غمرة الأرض و متاعها ، إنما يدعوه إلى التطلع الدائم و الحياء من الله والحذر من غضبه و التوقي من المخبوء في قدره مع الإخبات و الاطمئنان .
قال الإمام أحمد – بإسناده – عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : " ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه و سلم – مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته .إنما كان يبتسم . و قالت كان رسول الله – صلى الله عليه و سلم – إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه . قالت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر و أراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية . فقال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب . قد عذب قوم بالريح و قد رأى قوم العذاب و قالوا : هذا عارض ممطرنا . "
======== إن الإنسان قوي بالقدر الذي وهبه الله من القوة عالم بالقدر الذي أعطاه الله من العلم .
و لكن هذا الكون الهائل زمامه في يد خالقه و نواميسه من صنعه و قواه من إمداده و هذه القوى تسير وفق نواميسه في حدود قدره .
و ما يصيب الإنسان منها مقدور مرسوم و ما يعلمه الإنسان منها مقدور معلوم .
======== و حين ينسى هذه الحقيقة و يغتر و ينخدع بما قسم الله له من العلم و من القدرة على تسخير بعض قوى الكون فإنه يصبح مخلوقاً مسيخاً مقطوعاً عن العلم الحقيقي الذي يرفع الروح إلى مصدرها الرفيع و يخلد في الأرض في عزلة عن روح الوجود .
======== إن الإنسان مستخلف في هذه الأرض بإذن الله . موهوب من القوة و القدرة و العلم ما يشاء الله .
و الله كالئه و حاميه . و الله رازقه و معطيه .
و لو تخلت عنه يد الله لحظة لسحقته أقل القوى المسخرة له و لأكله الذباب و ما هو أصغر من الذباب .
و لكنه بإذن الله و رعايته مكلوء و محفوظ و كريم .
فليعرف من أين يستمد هذا التكريم و ذلك الفضل العظيم .
|