======== 54 ========
و هذا القرآن يفصل كتاب الله و يبين وسائل الخير الذي جاء به ، و وسائل تحقيقه و صيانته .
فالعقيدة في الله واحدة ، و الدعوة إلى الخير واحدة .
و لكن صورة هذا الخير فيها تفصيل ، و التشريع الذي يحققه فيه تفصيل يناسب نمو البشرية وقتها و تطورات البشرية بعدها ، بعد أن بلغت سن الرشد فخوطبت بالقرآن خطاب الراشدين ، و لم تخاطب بالخوارق المادية التي لا سبيل فيها للعقل و التفكير .
======== 55 ========
إن هذا القرآن يخاطب الكينونة البشرية بجملتها ..
فلا يخاطب ذهنها المجرد مرة ..
و قلبها الشاعر مرة .. و حسها المتوفز مرة ..
و لكنه يخاطبها جملة ، و يخاطبها من أقصر طريق ، و يطرق كل أجهزة الاستقبال و التلقي فيها مرة واحدة كلما خاطبها .
و ينشئ فيها بهذا الخطاب تصورات و تأثرات و انطباعات لحقائق الوجود كلها .
لا تملك وسيلة أخرى من الوسائل التي زاولها البشر في تاريخهم كله أن تنشئها بهذا العمق ، و بهذا الشمول ، و بهذه الدقة و هذا الوضوح ، و بهذه الطريقة و هذا الأسلوب أيضا .
|