" عجباً ممن يضلوا الناس بأهوائهم"

" عجباً ممن يضلوا الناس بأهوائهم"

من الناس في هذا الزمان من ابتلي بهذا الداء الدفين والمرض العضـال, فإنه لا يـرى
الحق إلا فيمـا أُشرب هواه, فكل أمـرٍ أُشرب هواه هو الحق والصواب, وإن أتيته
بكل آية ما تبع قـولك ..

فما أقبح الهـوى, وما أشد ما يفتك بصاحبه, حتى يصده عن الحق وإن كان واضحاً
وضوح الشمس أبلجاً, وليس ذاك إلا لأن الهوى يورث الكبر في القلب عن قبول
الحق, فترى من أبتلي بذلك الداء لا يقبل الحق وإن أوضحت له الحق بالآيات البينات
والأحاديث النبوية, فلا يلبث أن يؤّلها على هواه, ثم تأتيه بعد ذلك بأقوال أهل العلم
لعلها تكون واعظاً لقلبه وشفاء له من سقمه, فلا يلبث أن يردها, لكنه الكبر عن
قبول الحق واتباع الهوى ..

وليت الأمر يقتصر على ذلك, ولكن كما يقول المثل:
( أحشف وسوء كيل )
"وهو يطلق على من يجمع بين صفتين قبيحتين"

وياليت أهل الأهواء اكتفوا بأنفسهم ولكن الهـوى آفة ليس بعدها آفة ..
فلا تلبث أن تراهم يفتنوا الناس بأهوائهم, فتراهم يتصدرون المجالس وساحات المنتديات
والحوار ليقنعوا الناس بما أُتوه من منطق بأهوائهم, وصدق الحق سبحانه وتعالى حينما قال:
( وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ )
وقال تعالى:
( وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ )
وقال تعالى:
( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ
عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم
بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ )

إن المـرء إذا فعل المعصية بينه وبين نفسه فهو أهون بمرات ومرات من أن ينشر ذلك
على شاشة تلفاز أو حاسوب أو هاتف يشاهدها الملايين من الناس ..
وما أظن أن أمة الإسلام بُليت ببلية مثل بليتها بأصحاب الأهواء الذين يتصدرون المجالس
وساحات المنتديات والحوار ليقنعوا الناس بأهوائهم ..

ولن تجد علاجاً لأصحاب الأهواء ولو أتيتهم بكل آية ما لم يكن لهم من أنفسهم واعظاً
يخوفهم بالله ويذكرهم الآخرة ..

فيا أيها الأحبة:
تحروا أخذ العلم الشرعي والأحكام الفقهية من مصادرها من علماء ربانيون, وهؤلاء العلماء
معذورون بالإجتهاد إن أخطأ أحدهم, أما العوام فلا يجوز ولا يحق لهم الإجتهاد من تلقاء
أنفسهم, وقد قال صلى الله عليه وسلم:
( من أُفتى بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه )

ودائماً ما نسمع الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله يردد فيقول:
" الرجال يعرفون بالدين وليس الدين يعرف بالرجال "

ألا فليتب إلى الله أولئك القوم, وليعلموا أنهم واردون على الله عز وجل في يوم لا ينفع فيه مال
ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم, قال تعالى:
( لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم
بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ )

اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ..
ونعوذ بك اللهم أن نضل غيرنا بعلم أو بغير علم ..


مما راق لي فنقلته لنشر الفائدة وأخذ الحيطة والحذر ..